من خلف الأقفاص والأسوار لم تعد عيون القردة والنسانيس والشمبانزي وغيرهم من الحيوانات في حديقة الحيوان، ترى هؤلاء الزوار الذين كانوا يتوافدون على المكان ليلهوا معهم ويتسابقوا الخُطى لإطعامهم، والتقاط الصور برفقتهم.

 

ففجأة ودون سابق انذار باتت الحديقة خالية من البشر عدا العاملين فيها والحُراس، الذين حاولوا بدورهم التفنُن في تعويض غياب الجمهور والروح التي غابت عن المكان بابتكار العاب جديدة للحيوانات ومشاركتهم يومهم قدر الإمكان. 

 

 

تلفاز في مبيت الشامبنزي 

 

مجموعة من الشامبنزي باتوا يجتمعون  ليلًا في مبيتهم أمام شاشة تلفاز وضعها لهم القائمون على حديقة الحيوان، لاضفاء أجواء تمنح شيئًا من الونس  يكسر ذاك  السكون الذي أضحى  يُخيم على المكان، ويحطم معه رتابة اليوم، فهم يحبون رؤية اي شيء يتحرك أمام أعينهم ومن هنا جاءت فكرة التلفاز. 

 

"لوزة" رسامة "من يومها"

 

 أما  الشامبنزي "لوزه" فجلبت لها ادارة الحديقة مزيدًا من الأوراق والأقلام والألوان، كونها تحب قضاء وقتها في الرسم والتلوين، -حسبما روت لـ "مصر العربية" مديرة الحديقة دكتورة مها صابر، موضحًة أن ما سبق جاء  في إطار برنامج ترفيهي تم إعداده للحيوانات حتى لا تتأثر نفسيتهم بغياب الزوار. 

 

 

فبحلول  17 مارس الماضي تبدل الحال؛ واوصدت الأبواب أمام الزوار إلى أجل لم يحدد بعد، لمنع انتشار  فيروس كورونا  الذي أوى بحياة   157,468 شخص حول العالم حتى الآن وأصاب

نحو 2,287,369 آخرين. 

 

 

غسل الأيدي والأسنان بالفرشاة

 

هنا القردة والنسانيس أول شيء يقومون بفعله في يومهم هو غسل اياديهم ووجوههم واسنانهم بالفرشاة؛ فتقول"مها" هذا روتين يومي اعتادوا عليه منذ كانوا صغار وقبل خروجهم من مرحلة الـ كي جي. 

 

تخبئة الطعام على طريقة "الاستغماية" 

 

ليست الحيل سالفة الذكر من رسم وتلفاز  فقط هي  التي تلجأ لها ادارة الحديقة لشغل يوم الحيوانات هناك، لكنهم  ايضًا يقوموا بتخبئة  الطعام حتى يدفعوا القردة والنسانيس للحركة والبحث عنه، ولا يخلو يومهم من  تقديم الآيس كريم لهم. 

 

كما يتم وضع البلح في زجاجات كي يتركوا للقردة والنسانيس مهمة فتحها ثم تناولها، تقول مها: ليست جميع  الحيوانات في الحديقة مرتبطة بتواجد الزوار، على عكس  الحال مع القردة والنسانيس. 

 

تمثيل دور الزوار 

 

في الجبلاية يسعى  العاملون المتواجدون على إنزال فروع الأشجار كون هذا الأمر يمنح القردة شعور بالطمأنينة، بحسب مديرة الحديقة التي تابعت  قائلة: حاولنا ايضًا التحايل على عدم وجود زوار بأن  نحل مكانهم قدر الامكان فبدلًا من نزول العمال للقردة في الجبلاية على سبيل المثال فاحيانًا ما يتم الوقوف في الأعلى سواء من جانبهم أو اي من العاملين في المكان أو الأطباء، واللعب معهم والقاء لهم الطعام. 

 

واضافت أما بالنسبة الشامبنزي فله تعامل خاص فالحراس  إلى جواره طوال الوقت  ويلعبون معه باستمرار، ونحن ايضًا،  فضلًا عن وضع احبال تتدلى داخل اقفاص الشامبنزي  يربط في اخرها طعام كي يتلقفوه كلما ارادوا هذا. 

 

 

"انجي وتي تي زعلانين"

 

وعن الحالة النفسية للحيوانات بعد غياب الزوار، فالجميع حاول التأقلم  خاصة مع الأنشطة التي وفرتها لهم الحديقة، إلا أن الشامبنزي "انجي" وانسان الغابة "تي تي"  فقد بدا عليهما التأثر بعض الشيء بعدما بدت الحديقة خاوية من البشؤ، حسبما روت لنا مديرة المكان، مؤكدة أنهم يحاولوا شغل يوم الحيوانات بأشياء وانشطة مختلفة حتى لا يصابوا بالملل.

 

انثى انسان الغاب "تي تي" حضرت إلى حديقة الحيوان قبل نحو 10 أعوام، وبعد وفاة زوجها اكتئبت لبعض الوقت، ولكنها الآن تأثرت بغياب الزوار عن الحديقة، وهو ما يحاول القائمون على المكان تعويضه. 

 

صورة ارشيفية

 

 

المناعة في البرتقال والفايتمينات

 

أما عن مدى تقديم وجبات أو اطعمة من شأنها أن ترفع من مناعة الحيوانات في مثل هذه الأوقات التي ينتشر فيها الوباء؛ قالت دكتورة مها: بالفعل الشامبنزي والقرود لابد من تزويد طعامهم بفيتامين سي وهو ما نقدمه لهم من خلال تقديم كميات كبيرة من البرتقال. 

 

وتابعت:  ومع ذلك نضع لهم ايضًا فيتامين سي في الطعام، و فيتامين B يوم بعد يوم، والمالتي فيتامين حينما نشعر أن الحيوانات بحاجة لرفع المناعة، ولكن برنامجهم اليوم به مكمل غذائي. 

 

 التعقيم 

 

على مدار الـ 4 أسابيع الأولى من غلق الحديقة كان المكان بأكمله يُعقم مرتين في الأسبوع ثم ارتفعوا إلى 3 مرات، بما في ذلك الشوارع المحيطة والأسوار، -حسبما روت دكتورة مها-، حيث تابعت قائلة: "أما الآن فنطهر من يدخل إلى الجنينة، وبالنسبة للعمال فحينما يحضرون  يمروا على "دواسة بها كلور وصابون" ثم يستبدلون ثيابهم بملابس العمل في مكان مخصص لهذا بالقرب من الباب ويتم تعقيمهم ويدخلون بعد ذلك لممارسة مهامهم، فلا يدخل احد المكان إلا إذا كان مطهرًا، وعقب انتهائهم ينزعون ملابسهم ويتم غسلها داخل الحديقة. 

 

وأضافت: الدواسة التي تحوي كلور وصابون وضعنا منها واحدة في عدة اماكن، كما أن هناك موتور رش يتم من خلاله تعقيم أي شيء يدخل الحديقة أو عربة، ويتم تعقيم مكاتب العاملين كل يوم ويوم. 

 

 

إلى جانب ما سبق تشهد حديقة حيوان الجيزة  اليوم حدث نادر  لأول مرة منذ 130 عامًا، بغلق أبوابها أمام زوارها في شم النسيم، على خلفية صدور قرار بتعليق عملية استقبال الجماهير بها كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا، حسبما كشفت لـ "مصر العربية" مديرة الحديقة، دكتورة مها صابر، لقراءة مزيد من التفاصيل اضغط على الرابط التالي: فيديو| خلال شم النسيم.. حديقة الحيوان تستعيد حدثًا نادرًا لم يحدث منذ 130 عامًا