"ليس إعفاءً صحيًّا أو عفوًا رئاسيًّا، أملٌ يراود المحبوسين بأنّ يكون ذلك الوباء الذي لم يرَ العالم مثيلًا له من قبل أن يكون سببًا في الإفراج عنهم".. الحديث عن مطالب عديدة دُشِّنت في الساعات الماضية للإفراج عن المحبوسين لا سيّما أولئك الذين يخضعون لفترات حبس احتياطية في قضايا رأي؛ نجاةً ووقاية من تفشي كورونا المرعب.
فمع ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا في مصر التي وصلت إلى 196 إصابة و6 وفيات، تعالت أصوات سياسيين وحقوقيين بالمطالبة بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًّا، لا سيَّما في قضايا الرأي، في ظل تفشي الفيروس المستجد الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية وباءً عالميًّا.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان، اليوم الثلاثاء، تسجيل 30 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها لفيروس كورونا المستجد كوفيد-19، ليرتفع عدد المصابين إلى 196 حالة من ضمنهم 26 حالة مثلت للشفاء، بالإضافة إلى تسجيل حالتي وفاة جديدتين، ويرتفع عدد الوفيات إلى ست حالات.
وفي الوقت التي تتخذ فيه مؤسسات الدولة عدة إجراءات من أجل مكافحة تفشي هذا الفيروس القاتل الذي أرعب العالم أجمع، فإنّ الإفراج عن المساجين أصبح حسبما يرى الكثيرون، ضرورة ملحة، من أجل السيطرة على الوضع، ومنع تفشي الوباء على نحو أكبر.
في المقابل، فإنّ هذه الخطوة لا يمكن أن تختص بكافة المساجين الذين أدينوا بما هدَّد أمن واستقرار الأمن والسلم العام، وبالتالي فإنّ إتمام هذه الخطوة تستلزم قدرًا من الضمانات والإجراءات التي تمنع تكدير الأمن.
تأييدًا لذلك، يرى سياسيون أنّ الإفراج عن المحبوسين احتياطيًّا عن قضايا رأي قد يُمثِّل خطوة أولى في هذا المسار، باعتبار أنّه لن يشكلوا خطرًا على أمن الوطن.
تكتل برلماني يطالب بـ 5 خطوات
التكتل البرلماني "25-30"، أصدر بيانًا قال فيه: "في ظل إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا وباءً عالميًا، وحفاظًا علي أرواح المواطنين باعتبار أن صيانة الحق في الحياة هي الغاية الأسمي في كل الشرائع والواجب الأهم لكل مسئول، نطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا في قضايا الرأي".
وأضاف التكتل: "اتساقًا مع الإجراءات التي تتخذها الدولة والتي ندعمها بكل قوة ونثني عليها لمواجهة هذا الوباء ومنع انتشاره، وعملا على تخفيف الأعباء على السجون، وأسوة بالعديد من دول العالم التي أفرج بعضها عن أكثر من ٥٠ ألف سجين دفعة واحدة، نطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا من السياسيين".
وتضمن بيان التكتل، 5 مطالب هي كالتالي :
- 1- إصدار النائب العام قرارًا بالإفراج الفوري عن كل محبوس احتياطيًا تجاوز ١٥٠ يوم دون حكم قضائي، واستبداله بالتدابير الاحترازية الأخرى المنصوص عليها في القانون، مع استمرار التحقيقات في النيابات المختصة، وضرورة التأكيد بصفة عامة علي العودة إلي الأصل في القانون باعتبار الحبس الاحتياطي (تدبير احترازي) وليس عقوبة في حد ذاته، وذلك وفقًا ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ١٣٤ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ الجنائية.
٢- إصدار النائب العام قرارًا بالإفراج الفوري عن المحبوسين والمحتجزين على ذمة قضايا رأى، والسياسيين، وذلك لا يشمل بطبيعة الحال المتورطين في ارتكاب أعمال عنف، مع اتخاذ التدابير والضمانات القانونية اللازمة.
٣- إصدار رئيس الجمهورية عفوًا عامًا عن الحالات الحرجة من المرضي والمسنين من غير المتورطين في ارتكاب أعمال إرهابية أو إجرامية خطرة.
٤- تطبيق قواعد قانون العقوبات فيما يتعلق بالإفراج الشرطي، وكذا الإفراج الصحي وفقًا لقانون تنظيم السجون.
٥- التأكيد علي الالتزام بتطبيق لائحة السجون ورفع درجة الطوارئ الطبية داخلها، وتقديم الرعاية الصحية الواجبة لكافة المسجونين، والعمل علي تفادي أي انتشار محتمل للفيروس.
واختتم التكتل بيانه، بمطالبة الجميع باتباع الإرشادات الصحية، والالتزام بالقرارات الحكومية والتعليمات الإدارية التي تصدر للمواطنين لمواجهة هذا الوباء.
نداء أحزاب وسياسيين
كما أطلقت مجموعة من الأحزاب والشخصيات السياسية والعامة نداء للنائب العام، لإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا في قضايا الرأي، مع تعهدهم بالمثول أمام جهات التحقيق فور طلبهم، وبكافة الضمانات القانونية الأخرى التي تراها النيابة العامة مع المتهمين رهن التحقيق ولم تصدر ضدهم أحكام بالإدانة من جهات التقاضي.
وقالت الأحزاب والشخصيات، الموقعة على البيان، إن النداء بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا، يأتي كخطوة أولية لتخفيف ازدحام السجون، يتلوها ما تراه النيابة العامة والجهات المسؤولة من خطوات لصالح الصحة العامة وسلامة السجناء.
وأعربت القوى الموقعة على البيان عن ثقتها في النيابة العامة بالاستجابة لهذا النداء، في ظل تفشي فيروس كورونا وبيان منظمة الصحة العالمية التي حذرت من خطورة هذا الوباء العالمي.
ووقع على البيان الأحزاب التالية :"الإصلاح والتنمية، التحالف الشعبي الاشتراكي، الدستور، العدل، الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، تيار الكرامة، العيش والحرية تحت التاسيس".
ومن الشخصيات العامة والسياسية الموقعة على البيان :"المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق، والكاتب الصحفي خالد البلشي، ووزير القوى العاملة الأسبق، ودكتور عبد الجليل مصطفى، والأستاذ الجامعي مصطفى كامل السيد، وزهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي".
كما وقع على البيان :"علاء الخيام رئيس حزب الدستور، وفريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق، ومحمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، ومحمد سامي رئيس حزب تيار الكرامة، مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، يحيى قلاش نقيب الصحفيين الأسبق".
مذكرة للنائب العام
من جانبه تقدم المحامي الحقوقي ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بمذكرة إلى النائب العام المستشار حمادة الصاوي، يطالب فيه بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.
وجاء في المذكرة: "تعلم النيابة العامة وسيادتكم، ماتمر به البلاد والعالم اجمع من انشار وباء فيرس كرونا الذى وصف بأنة الاعنف خلال العقود الماضية، وتعلمون سيادتكم بصفتكم طبيعة أوامر الحبس الاحيتاطى والعدد الكلى للمحبوسين احتياطيا، وظروف وملابسات القبض عليهم واحتجازهم، فضلا عن الإلمام اليقينى بطيعة وضعهم القانونى والاتهامات المنسوبة إليهم".
وأضاف أمين: "تتعاظم مسؤلية سيادتكم فى تلك الظروف كونكم لستم المسؤلين فقط عن سلطة الحبس الاحتياطى، بل إنكم المسؤلين أيضا عن الإشراف على السجون وأماكن الاحتجاز التى يحتجزبها المحبوسين، وهى كما تعلمون مسؤلية كاملة غير منقوصة أو معلقة على إرادة جهة أخرى، فتصبح والحال كذلك سلامة وحياة المحبوسين فى السجون وأماكن الاحتجاز هى مسؤلية النيابة العامة دون غيرها".
وناشد المحامي الحقوقي، النائب العام بسرعة استخدام صلاحياته القانونية والدستورية والإشرافية، فى تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية.
وتنص المادة 201، كما ذكر المحامي الحقوقي مذكرته على :"يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطى أن تصدر بدلا منه أمرا بأحد التدابير إلزام المتهم بعد مبارحة مسكنه أوموطنة، وإلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة فى أوقات محددة، و حظر ارتياد المتهم أمكن محددة .
دول أفرجت عن سجناء
في سياق الحديث عن مطالب أحزاب وسياسيين بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا من السياسيين في قضايا سياسية ورأي، هناك دول قد اتخذت قرارات بالإفراج عن بعض سجنائها لتخفيف أعباء السجون لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
فقد قرّرت محكمة أمن الدولة الأردنية، اليوم الثلاثاء، الإفراج عن 1500 موقوف في قضايا "جنحية منظورة"؛ انسجامًا مع قرارات الحكومة لمواجهة انتشار الفيروس، وذلك وفقا لما رأته المحكمة من تغليب للمصلحة العامة في مواجهة فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19".
وقال العقيد القاضي العسكري الدكتور علي المبيضين: "قرار المحكمة جاء نظرًا للظروف الصحية التي تمر بها المملكة، وانسجامًا مع القرارات الحكومية المتخذة لمواجهة كورونا"، بحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا).
وقبل الأردن، كانت إيران قد اتخذت قرارا مماثلا بالإفراج عن نحو 85 ألف سجين، بينهم سجناء سياسيون، في ظل تفشي فيروس كورونا الجديد، وفقا للمتحدث باسم القضاء الإيراني غلام حسين إسماعيلي، الذي أكد لـ"رويترز" إن نحو 50% من المفرج عنهم من السجناء المحتجزين لأسباب أمنية.
وبحسب "إسماعيلي" فإنه تم اتخاذ إجراءات احترازية في السجون لمواجهة تفشي الفيروس، الذي أودى بحياة 988 إيرانيا وإصابة حوالي 15 ألفا آخرين.