رئيس التحرير: عادل صبري 11:30 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد سجن 27 عاما.. كيف أصبح نيلسون مانديلا زعيما لجنوب أفريقيا؟

بعد سجن 27 عاما.. كيف أصبح نيلسون مانديلا زعيما لجنوب أفريقيا؟

أخبار مصر

نيلسون مانديلا

بعد سجن 27 عاما.. كيف أصبح نيلسون مانديلا زعيما لجنوب أفريقيا؟

أحلام حسنين 05 ديسمبر 2019 14:11

في مثل هذا اليوم 25 ديسمبر من عام 2013 توفى الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، الذي سيظل اسمه خالدا عبر التاريخ، فهو الذي حمل على عاتقه تاريخ شعب جنوب إفريقيا.

 

 

ناضل مانديلا ضد التمييز العنصري ومن أجل الحرية، ودفع ثمن ذلك من عمره كثيرا في غيابات السجون لأكثر من 27 عاما، حتى صار أول رئيس لجمهورية جنوب إفريقيا.

 

فقبل نحو 25 عاما من الآن، لم يكن يستطيع أحد من المواطنين السود في جنوب إفريقيا الجلوس إلى جانب نظرائهم البيض في القطارات أو السكن إلى جانبهم في الأحياء أو حتى تلقي العلم في نفس المدارس والجامعات، وكان ذلك قبل مجيء "مانديلا" إلى الحكم.

 

 

مولده ونضاله

 

ولد مانديلا في 18 يوليو  عام 1918، في منطقة ترانسكاي في أفريقيا الجنوبية، وكان والده رئيسا لقبيلة التيمبو، وقد توفى ولايزال "نيلسون" صغيرا، ورغم صغره إلا أنه انتخب مكان والده.

 

بدأ نضال "نيلسون" مبكرا، وقد تسبب في فصله من جامعة "فورت هارت" في مرحلة البكالوريوس، بعد اتهامه بالاشتراك في إضراب طلابي، وهكذا كان يتنقل "نيلسون" من جامعة لأخرى، حتى تابع دراسته بالمراسلة من مدينة جوهانسبورغ، وحصل على الإجازة ثم التحق بجامعة ويتواتر ساند لدراسة الحقوق.

 

ممارسة مهنة المحاماة أتاحت لـ"مانديلا"  فرصة الاطلاع مباشرة على المظالم التي كانت ترتكب ضد أبناء الشعب، وفي الوقت نفسه اطلع على فساد وانحياز الســلطات التنفيذية والقضائية.

 

وكان مانديلا يعتبر أن "المهاتما غاندي" المصدر الأكبر لإلهامه في حياته وفلسفته حول نبذ العنف والمقاومة السلمية ومواجهة المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء، فقرر أن يسير على نهجه.

 

مقاومة التمييز العنصري

 

في هذه الفترة كانت جنوب أفريقيا خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصري الشامل، إذ لم يكن يحق للسود الانتخاب ولا المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شؤون البلاد، بينما يحق لحكومة الأقلية البيضاء أن تجرد "السود" من ممتلكاتهم أو أن تنقلهم من مقاطعة إلى أخرى.

 

كان المجتمع الذي يعيش فيه "مانديلا" يعاني من العديد من الانتهاكات والحرمان، لذا انضم في عام 1942 إلى ىالمجلس الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب السنغال.

 

وقد اشتهرت جنوب إفريقيا منذ حل المستوطنون الهولنديون في تلك البقعة خلال القرن السابع عشر بسياسة الفصل العنصري فيما يعرف بنظام الأبارتيد الذي اعتبر السود بشرًا أقل من البيض، يخصصون لهم البراري، بينما المطاعم والمتاجر والبريد والمراحيض والشواطئ حصرًا على البيض. 

 

في 1910 عندما اتحد الإنجليز بوصفهم المستعمرين الجدد مع الهولنديين الأوائل أو ما يعرفون بـ"الأمريكان"، وكان من بنود استبعاد السود وتجاهلهم والاكتفاء باستعبادهم لا أكثر وأسند البريطانيون السلطة للهولنديين  والمستوطنين البريطانيين، غير أن السود نظموا أنفسهم في حزب المؤتمر الوطني في 1912.

 

ورغم أن حزب المؤتمر الوطني الذي تولى لاحقا قيادته نيلسون مانديلا، ضم رؤساء وممثلين عن المجتمعات الإفريقية وممثلين عن منظمات كنسية إلا أنهم لم يستطيعوا منع سلسلة قوانين التي تعزز الفصل العنصري، وبينها منع السود من شراء أراض خارج المحميات الفقيرة والضيقة، ومن مزاولة بعض المهن. 

 

من بين هذه القوانين منع الزواج بين الأعراق، وآخر يمنع العلاقات الجنسية بين أشخاص من أعراق مختلفة، تم تنفيذه من خلال قانون تسجيل السكان، الذي صنف سكان جنوب أفريقيا في أربعة أعراق بحسب لون البشرة، هي البيض والهنود والخلاسيين والسود، وقانون مناطق المجموعات.

 

وهكذا أصبح نظام الأبارتيد راسخا في كل في جنوب إفريقيا، وبناء عليه أزيلت أحياء كاملة مثل صوفيا تاون في العاصمة جوهانسبرغ، والمنطقة السادسة في الكاب، من أجل إبعاد السود إلى مدن صفيح نائية بعد طرد نحو 3,5 ملايين شخص ومصادرة أملاكهم ومزارعهم، ومنحها إلى مواطنين بيض.

 

في تلك الأثناء كان حزب المؤتمر منذ نشأته، يؤمن بـالحوار مع البيض وبإمكانية الوصول إلى تسوية عادلة، ونتيجة لتلك القوانين تبنى سياسة جديدة تعتمد على الإضراب والعصيان المدني والمقاطعة حتى تحقيق جميع الأهداف المتمثلة في تمتع السود بالمواطنة الكاملة.

 

كيف حرر شعبه 

 

في غضون سنوات سار "مانديلا" قائدا لحملات المعارضة السياسية، كان في البداية يدعو 

للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، ولكن بعد مجزرة شاربفيل التي راح ضحيتها عدد كبير من الأفارقة عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة.

 

وبعد أن حظرت السلطات العنصرية جميع أنشطة حزب "المجلس الوطني الإفريقي"، اعُتقل مانديلا  مع 150 شخص آخرين حتى 1961، ولكن بعد الإفراج عنه قاد المقاومة السرية التي كانت تدعو إلى ضرورة التوافق على ميثاق وطني جديد يعطي السود حقوقهم السياسية، وفي العام نفسه أنشأ مانديلا وقاد ما عرف بالجناح العسكري للحزب.

 

قرر "مانديلا" في عام 1962  مغادرة البلاد إلى الجزائر للتدريب العسكري ولترتيب دورات تدريبية لأفراد الجناح العسكري في الحزب.، وعند عودته إلى جنوب إفريقيا في عام 1962 ألقي القبض عليه بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية، والتحريض على الإضرابات وأعمال العنف.

 

وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

ثمن النضال 

 

27 عاما في السجن

 

قضى "مانديلا" 27 عاما من عمره في غيابات السجون، حتى أصبح النداء بتحريره من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري، حتى جاء عام 1980 انتشرت فيه رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري".

 

وفي عام 1985 كانت هناك فرصة أمام "مانديلا" للخروج من السجن، إذ عُرض عليه إطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، ولكنه أبى فبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 عندما أثمرت مثابرة المجلس الإفريقي القومي، والضغوطات الدولة عن إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية فريدريك ويليام دى كليرك الذي أعلن إيقاف الحظر الذي كان مفروضا على المجلس الإفريقي.

 

وتحولت جزيرة "روبن" التي سجن فيها مانديلا إلى مركز للتعليم، وصار هو الرمز في سائر صفوف التربية السياسية التي انتشرت في طول البلاد وعرضها.

 

وبعد خروج "مانديلا" من السجن، أعلن وقف الصراع المسلح، وبدأ سلسلة مفاوضات أدت إلى إقرار دستور جديد في البرلمان في نهاية 1993، معتمداً مبدأ حكم الأكثرية وسامحاً للأفارقة بالتصويت.

 

وحاز نيلسون مانديلا عام 1993 على جائزة نوبل للسلام، بعد أن لعب دورًا محوريًا في تحرير السود من بني وطنه من قيود الفصل العنصري.

 

مانديلا رئيسا

 

وأجريت أولى الانتخابات الرئاسية في 27 أبريل 1994 وأدت إلى فوز مانديلا، وشغل منصب رئاسة المجلس الإفريقي (من يونيو 1991- إلى ديسمبر 1997)، وأصبح أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا (من مايو 1994- إلى يونيو 2000).

 

وخلال فترة حكمه شهدت جنوب إفريقيا انتقالا كبيراً من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، وفي يونيو 2004 قرر نيلسون مانديلا ذو الـ 85 عاما التقاعد وترك الحياة العامة،  بعد أن أصبحت صحته لا تسمح له  بالتحرك والانتقال، كما أنه فضل أن يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته.

 

وفي 2008 أقر الرئيس الأميركي جورج بوش قرار شطب اسم مانديلا من على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة.

 

وكان لـ"مانديلا" عدد من الأراء المثيرة للجدل في الغرب مثل أراءه في القضية الفلسطينية ومعارضته للسياسات الخارجية للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وغيرها.

 

وبعد تقاعده في 1999 تابع مانديلا تحركه مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم، وتلقى عددا كبيرا من الميداليات والتكريمات من رؤساء وزعماء دول العالم، واختارته الأمم المتحدة في عام 2005 سفيرا للنوايا الحسنة، وظل هكذا بين تكريما واحتفاء حتى وفاته في عام ديسمبر عام 2013 عن عمر يناهز 95 عاما، وكذلك حتى بعد رحيله لايزال يكرمه العالم.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان