فى خطوة تأخرت عشرات السنين، أعلنت مصر مؤخرا اقتحام عالم صناعة السيارات بتصنيع سيارة كهربائية وإنشاء مصنع اطارات.
فى أبريل الماضي وقعت مصر والصين، اتفاقية تصنيع مشترك للسيارات الكهربائية، ووقع الاتفاقية عن الجانب المصري ممثلان لمصنع 200 الحربي وشركة "إيموت" للتصميمات والاستشارات، فيما وقعها عن الجانب الصيني، ممثل لشركة "فوتون" لصناعة السيارات.
وتضمنت اتفاقية الشراكة تصنيعا مشتركا لـ2000 حافلة خلال 4 سنوات، على أن تتبعها مراحل مقبلة للتصنيع المشترك لأنواع أخرى من السيارات الكهربائية، وبحسب بنود الاتفاقية تحتضن مصر مراحل صناعة كافة مكونات الحافلات والسيارات، باستثناء البطارية والمحرك الكهربائي.
وفى نهاية شهر أكتوبر الماضي احتفلت وزارة الإنتاج الحربى، بتدشين مشروع توطين تصنيع المركبات الكهربائية في مصر، وعرض أول أوتوبيسين كهربائيين تم وصولهما من الصين في إطار المرحلة الأولى من تطبيق الإستراتيجية، وظهر فى الاحتفالية سيارات ملاكى صغيرة تحمل العلامة التجارية «E-motion» تسع 4 و3 أفراد.
ووفقا لتصريح اللواء يسرى النمر، رئيس مجلس إدارة مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات "مصنع 200 الحربي"، فإن الدفعة الحالية من السيارات الكهربائية القادمة من الصين ستستخدم للتنقلات الداخلية فى النوادي والمستشفيات والمنتجعات السياحية، ومن المقرر اجراء بعض التعديلات عليها فيما بعد لتستخدم فى السير بالطرق العامة.
وعملت الدولة على توفير البنية التحتية للسيارات الكهربائية وذلك بإنشاء محطات شحن داخل محطات الوقود، على أن تكون البداية بـ12 محطة شحن بالتعاون مع محطات وطنية التابعة للقوات المسلحة، وافتتحت شركة ريفولتا المصرية 65 محطة فى 7 محافظات وتعتزم الشركة أن تصل محطاتها إلى 300 محطة بحلول عام 2020.
تتراوح تكلفة تصنيع المحطة من 700 ألف لمليون جنيه مصري، وتبلغ تكلفة الشحن 60 جنيها تكفى لسير السيارة 320 كيلومترا، وتتنوع وحدات الشحن حسب الحاجة فالأتوبيسات تحتاج لـ8 ساعات لإعادة الشحن، وهناك وحدات الشحن سريع تستغرق 45 دقيقة أما السيارات الصغيرة يمكن شحنها بالمنزل.
فى السياق ذاته، تعتزم الحكومة المصرية بالشراكة مع القطاع الخاص إنشاء مصنع لإنتاج الكاوتش بطاقة 3.5 مليون فردة كاوتش سنويًا، وفقا لتصريح الدكتور ميشيل نايت، رئيس مجلس إدارة شركة imut الذى أشار إلى أنه سيتم افتتاح هذا المصنع خلال عامين ونصف على الأكثر.
مشيل أشار إلى أن مصر تستهلك سنويا 12 مليون فردة كاوتش يتم استيردها من الخارج، لذا فإن الدولة المصرية تحتاج فى الوقت الراهن إلى 5 مصانع بنفس طاقة الانتاج لاستيعاب الاستهلاك المحلي.
اتجاه مصر لتوطين صناعة السيارات يعتبر اقتداءً بالتجربة المغربية، وهناك حاجة إلى الاقتداء بالتجربة التونسية لتوطين صناعة المكونات بهدف الوصول لنسبة مكونات محلية فى التصنيع 40 %.
بالإضافة إلى الصين، اتجهت الدولة المصرية إلى توقيع مذكرات تفاهم مع دولة أخري، وكشفت تقارير صحفية نشرت فى مايو الماضي، عن إجراء لجنة التعاون الأفريقي باتحاد الصناعات المصرية، دراسة لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال صناعة السيارات مع دولة جنوب إفريقيا باعتبارها إحدى الدول الرائدة في القارة السمراء، في مجال تصنيع السيارات.
وأعدت وزارة الصناعة والتجارة استراتيجية وطنية لصناعة السيارات فى البلاد، قبل عامين ونصف العام، وجرى إرسال الاستراتيجية إلى رئاسة الوزراء، والبرلمان لإقرارها وإلى الآن لم ترى النور، زاد الحديث فى يوليو 2018 حول الغاء الاستراتيجية الأمر الذى دفع الوزارة إلى إصدار بيان نفت فيه الأمر.
وتتحرك الدولة المصرية فى ملف صناعة السيارات فى البلاد، عبر 3 محاور، الأول: التوسع فى تصنيع السيارات الكهربائية فى مصر، ، والمحور الثاني جذب كبريات الشركات العالمية مثل إعادة مرسيدس للسوق المصرى والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي بشركة مرسيدس، وشركة "بيجو" خلال الفترة الماضية، أما المحور الثالث فتضمن التوسع فى زيادة الاستثمارات الأجنبية بقطاع مكونات السيارات وتعميق الصناعات المغذية مثل المقاعد وأنظمة التبريد والأسلاك الكهربائية وتقليل الاعتماد على المكونات المستوردة.
دخلت مصر عالم تجميع السيارات منذ عقود طويلة، حيث كانت تنتج الهياكل والأجسام الخشبية والمعدنية للسيارات فى شركة مصر للهندسة والسيارات فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كما كانت تقوم بانتاج وتجميع سيارات فورد فى الإسكندرية فى الخمسينيات، وأقيمت شركة السيارات المصرية عام 1959 وبدأت فى انتاج سيارة رمسيس عام 1960، وجرى إقامة مصنع لتجميع سيارات نصر فى العام ذاته وبدأت الانتاج فى العام التالي بتجميع سيارات من شركة فيات الإيطالية .
وبحسب إحصائية صادرة عام 2018 ، يعمل فى صناعة السيارات بمصر 170 شركة، وهناك 19 شركة تقوم بتصنيع وتجميع السيارات بأنواعها تنتج أكثر من 24 ألف سيارة سنويا، وتبلغ الاستثمارات حوالى 3 مليارات دولار منها 1.6 مليار دولار فى صناعة السيارات، و1.4 مليار دولار فى الصناعات المغذية، كما يعمل حالياً فى مجال صناعة السيارات والصناعات المغذية لها حوالى 86 ألف عامل.
ويرجع سبب تأخر البلاد فى تصنيع السيارات رغم تراكم خبراتها فى هذا المجال إلى غياب الإرادة السياسية والرؤية والاستراتيجية الواضحة لتطوير هذه الصناعات الهامة منذ قرابة 5 عقود.
ففي تصريح له، كشف رأفت مسروجة، الرئيس الشرفي لمجلس معلومات السيارات، أسباب تاخر مصر فى صناعة السيارات، قائلا: " كل الأطراف كانت واعية بمشاكل صناعة السيارات، وفي عام 2004، جاء مكتب استشاري وتم تكليفه بعمل استراتيجية لصناعة السيارات، وكانت النتيجة بعد عامين، أنه إذا لم تتخذ مصر إجراءات حاسمة قبل عام 2010، فيجب عليها أن تترك مسألة صناعة السيارات وتتجه للصناعات المغذية".
وأشار إلى أن القائمين على الصناعة أنفسهم، أخذوا الأمور بعدم الجدية، ولم ينتبه أحد للمشكلة التى تعاني منها الدول، وذكر أن اتفاقية "أغادير" عرضت على مصر في البداية قبل المغرب، ورفضتها مصر، وكانت النتيجة أن أصبح المغرب يصدر سيارات بـ10 مليارات دولار سنويا.