رئيس التحرير: عادل صبري 12:06 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد مقتله| أبو بكر البغدادي.. رحلة الدم من سجن بوكا إلى داعش

بعد مقتله| أبو بكر البغدادي.. رحلة  الدم من سجن بوكا إلى داعش

أخبار مصر

أبو بكر البغدادي - أرشيفية

بعد مقتله| أبو بكر البغدادي.. رحلة الدم من سجن بوكا إلى داعش

سارة نور 27 أكتوبر 2019 16:27

"لقد ابتليت بهذه الأمانة.. أمانة ثقيلة.. فوليت عليكم".. من على منبر جامع النوري الكبير بالموصل في حلته السوداء أعلن أبو بكر البغدادي نفسه خليفة للمسلمين في 29يونيو 2014 بعدما استولى على أراض في العراق وسوريا، مؤسسا بذلك يمسى بـ"دولة الخلافة الإسلامية". 

 

قبل هذا المشهد الذي جاب العالم شرقا وغربا، كان إبراهيم عود البدري الذي أصبح معروفا بعد أكثر من ثلاثين عاما بأبو بكر البغداد، يحلم كأي مراهق عربي بحياة مهنية وأسرية عامرة، إذ كان طموحه أن يصبح محاميا لكن نتائجه الدراسية حالت دون ذلك. 

 

 فأراد البغدادي المولود في سامراء -شمالي العراق- الالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون طموحه، وفي نهاية المطاف إلى التحق بالدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً في عهد الرئيس السابق صدام حسين. 

النقطة الفارقة التي حولت إبراهيم عود البدري المولود في سنة 1977 إلى أبو بكر البغدادي هي بعد اجتياح الغزو الأمريكي العراق، إذ اعتقلته القوات الأمريكية ودخل سجن بوكا في عام فبراير 2004 بعدما كان يقود مجموعة مقاومة ضد الأمريكان في 2003 بحسب تقارير صحفية. 

 

وبعد إطلاق سراحه في كانون ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع إبراهيم عود البدري الذي أصبح أبو بكر البغدادي، أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين السنة تابعة لتنظيم القاعدة، بحسب التليفزيون الألماني.

 

وفي مايو 2010، ترأس أبو بكر البغدادي "دولة العراق الإسلامية " بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية، وتمكن البغدادي بعدها بتعزيز موقع الجهاديين في العراق واكتسب مساحات من الأرض.

 

وفي تسلسل طبيعي للتنظيم الذي عزز مواقعه في جهات عدة، خاصة بعد اندلاع الثورة في سوريا التي صارت حربا أهلية فيما بعد، أصبح في العام 2013 تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش)، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في عام 2015. 

البغدادي حرص على عدم الظهور الإعلامي طوال فترة توليه مسؤولية تنظيم الدولة حتى تواتر أنباء عن مقتله أوانتحار، اليوم الأحد، حيث ظهر 3 مرات، الأولى من على منبر الجامع الكبير أثناء إعلان نفسه الخليفة وسط جماهير خفيرة ملأت المسجد. 

 

والمرة الثانية، مع انحسار مواقع سيطرة داعش في 2018، ظهر البغدادي في تسجيل صوتي يحث فيه مقاتليه على الاستمرار في القتال، أما الثالثة في مقطع مصور في 29 إبريل الماضي عبر تطبيق تليجرام مدته نحو 18 دقيقة، إذ ظهرعليه علامات الإعياء وإلى جانبه بندقية كلاشينكوف ويحاول فيه وهم مؤيديه أن التنظيم ما يزال له وجودا على الأرض. 

 

أبو بكر البغدادي كان ظاهرة محيرة للخبراء والباحثين، إذ صنفه الخبير في التيارات الجهادية في كلية العلوم السياسية الفرنسية جان-بيير فيليو بأن البغدادي كان أخطر من أسامة بن لان زعيم تنظيم القاعدة الذي قتله القوات الأمريكية في أفغانستان.

 

الباحث الفرنسي أوضخ في 2014 في تصريحات لفرانس انتر أن القاعدة لم تصل أبدا، حتى في أوج نشاطها قبل 11 سبتمبر 2001، إلى القدرة التدميرية التي يتمتع بها البغدادي وتنظيمه، فقد بلغ تقريبا أقصى ما يمكنه بلوغه على المستوى العسكري بين سوريا والعراق، حينها

 

لكن مع فقدان التنظيم الجهادي السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي التي استولى عليها في سويا والعراق بعد الضربات التي وجهتها له قوات التحالف الدولي في سوريا الذي شكلته الولايات المتحدة الأمريكية مع دول أخرى، فقد التنظيم بريقه، ما دعاه للخروج في مقطع مصور يحث مؤيديه على استمرار الجهاد فجأة بعد طول غياب. 

اختفاء البغدادي طول السنوات الماضية حتى عن مقاتليه جعل التكهنات على أشدها، إذ زعم تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية في 2015، أنه أصيب بجروح بالغة، وأنه طريح الفراش جراء غارة أميركية، لكن البنتاغون حينها لم يؤكد الإصابة. 


وفي السياق ذاته، أشارت تقارير أخرى إلى أنه أصيب في عام 2017، حين أغلقت القوات المدعومة من الولايات المتحدة وغيرها أراضي "داعش" في سوريا، ووصل الأمر إلى إعلان روسيا من جانب واحد مقتل أبو بكر البغدادي في يونيو 2017.

وفي فبراير 2019، ذكر مسؤولون استخباراتيون أن البغدادي نجا من محاولة انقلاب نفذها مقاتلون أجانب الشهر الماضي، وقد رصد التنظيم مكافأة لمن يقوم بقتل المتهم الرئيسي في التدبير لمحاولة الانقلاب، ويدعى أبو معاذ الجزائري.

وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فقد وقعت محاولة الانقلاب في 10 يناير ، في قرية بالقرب من بلدة هجين السورية، الواقعة على وادي نهر الفرات، أبرز وأكبر بلدات الجيب الأخير الذي يسيطر عليه تنظيم «داعش» في شرق سوريا.

 

أما اليوم الأحد، الذي سيذكره التاريخ إذا صحت الأنباء التي أطلقتها القيادة الأمريكية عن مقتل أبو بكر البغدادي، إذ أعلن مسؤول رفيع في البنتاجون مقتل البغدادي بعملية سرية في إدلب شمال غربي سوريا، صادق عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

 

وأكد مسؤول أمريكي أن البغدادي فجر نفسه وزوجتيه بعد محاضرة القوات الأمريكية لمخبأه، مشيرا إلى أنهم تحققوا من هوية زعيم تنظيم الدولة بتقنية التعرف على الوجوه، وأيضا عن طريق تحليل الحمض النووي. 

 

لكن من المثير أن البغدادي في أغسطس الماضي عيًن قبل وفاته بحسب مواقع مقربة من "داعش" التركماني عبدالله قرادش القيادي في التنظيم خلفا له، وهو كان معتقلا معه في سجن بوكا في العراف الذي كان البغدادي نفسه معتقلا فيه. 

 

وبحسب خبراء أمنيين عراقيين، أن قرادش أشرس ممن تبقى من قيادات الصف الأول لتنظيم داعش، بحسب ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط.

 

لذلك قالت الباحثة إيرينا تسوكرمان الباحثة الأمريكية في تصريحات صحفية أن أكثر ما يؤثر على مثل تلك التنظيمات الإرهابية، ليس اغتيال قياداتها، ولكن وقف التمويل عنها، لافتة إلى أن  القاعدة وجدت تمويلها من إيران، وداعش حصل على تمويله من تركيا.

 

وأوضحت تسوكرمان في تصريحات صحفية أن مقتل زعيم التنظيم يُعد نكسة مؤقتة للتنظيم، مثل ما حدث مع القاعدة، الذي وجد قائدًا جديدًا، لافتة إلى أن الأكثر أهمية القضاء على الروح المعنوية لتصبح "الجماعة" غير جاذبة للمقاتلين، حيث تصبح بلا هدف.

 

غير أن الناشط الإسلامي خالد الزعفراني يقول أن التنظيم يزول بزوال قياداته، غير أن الأفكار تستمر وقد تظهر في تنظيمات أخرى، مشيرا إلى أن غياب داعش ربما يؤثر على وجود الإخوان الذين يعرضون أنفسهم كبديل لداعش، بحسب تصريحات صحفية.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان