عهدناه مُقاتلاً شرسًا لا يكل ولا يمل من الكتابة، صحفي دءوب، وكاتب متميز، وإنسان راقي، إنه الكاتب الصحفي سليمان الحكيم، الذي وافته المنية في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، بعد صراع مع المرض.
كان سليمان الحكيم، واحدًا ممن حملوا على عاتقهم حلمًا لبلاد طالما عشقها، وكان يعيش بين دروب العاصمة المُزدحمة بأوراق الصحف وأحبارها وزيوت مطابعها.
يُعد سليمان الحكيم، كاتب ناصري، ومحلل سياسي، وناقد فني، صدر له العديد من الكتب منها "عبد الناصر والاخوان"، "تحية كاريوكا بين الرقص والسياسة"، و"أباطيل الفراعنة"، و"رسالة إلى الوالي"، و"المعاني في الأغاني"، و"اعترافات شيخ الشيوعيين محمود أمين العالم"، و"شهادات في الفكر والسياسة"، وغيرهم من المؤلفات.
وكان أيضًا عضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة وترأس تحرير جريدة الجيل، وله العديد من المقالات بمجلة أكتوبر والصحف المعارضة والمستقلة والقومية، كما تعرض للاعتقال في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وعلى يد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وقضى "الحكيم" سنوات عمره، ثائرًا في مواقفه، مؤمنًا بناصريته التي تممسك بها، رغم نقده اللاذع لمن يسميهم بالمتكسبين من عباءة "ناصر"، وقدم أعمالاً صحفية نادرة، ولم يضعف يوما، ولم يتاجر، ولم يتكسب إلا قوت يومه، وكان راضيًا بذلك.
عاش "الحكيم" طوال عمره صديقًا لشباب، كان أفضلهم يعتبر نفسه محظوظًا لأنه صافح "الحكيم"، وعاش حياة المتواضعين والزهاد، ولم يحلم في يوم من الأيام بالأملاك ولا بالأطيان، فلم يهن ولم يضعف، ولم يكتب إلا ما تصور أنها سطور تقطر من دمه، وخاض معارك كثيرة، كان فيها فارسًا مغوارًا.
سرد قصصه الصحفية، وحكايات ترحاله بمعاناة، تكاد تنطق بها سطور تعيش وتنبض وتتفاعل وتحرك مياها راكدة في بحر السياسة، وكان معارضًا وطنيًا خالصًا، لم تحتفظ جدران بيته بما يكفي صغاره ليوم غير الذي يعيشه، وعاش نموذجًا قلمًا جاد الزمان بمثله، فليرقد في سلام.