رئيس التحرير: عادل صبري 09:58 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

لماذا تسرع واشنطن الآن لتحديث البحرية المصرية؟

لماذا تسرع واشنطن الآن لتحديث البحرية المصرية؟

أخبار مصر

البحرية المصرية

بعقد قيمته نصف مليار دولار..

لماذا تسرع واشنطن الآن لتحديث البحرية المصرية؟

محمد الوقاد 03 أغسطس 2019 18:00

بدون ضجيج، وفي خبر لم تطل مدته كثيرا على أشرطة القنوات الإخبارية وعناوين الصحف والمواقع الإخبارية، أفيد بأن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بصدد البدء في تنفيذ عقد فني لتحديث القوات البحرية المصرية وتطويرها، هو الأكبر خلال السنوات العشر الأخيرة، بحسب ما ذكره موقع "ديبكا" الاستخباراتي، ومنصات أخرى مهتمة بالشؤون العسكرية.

 

ووفقا للإخطار الذي أرسلته وكالة التعاون الأمني الدفاعي "دسكا"، أحد أقسام وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إلى الكونجرس، فإن العقد الذي تبلغ قيمته 554 مليون دولار، سيوفر المواد وخدمات العمل لصالح السفن أمريكية الصنع العاملة لدى البحرية المصرية، مثل فرقاطات "Oliver Hazard Perry Class" وعددها 4، وتطوير زوارق الصواريخ الهجومية السريعة Fast Missile Craft من طراز "Ambassador Mk.III" الشبحية بعدد 4.

 

كما من المفترض تطوير صائدات الألغام الساحلية "Osprey Class Mine Hunter" بعدد 2 و"Swiftship Mine Hunter" بعدد 3، عدا عن تطوير زوارق الدورية والمرور الساحلي السريعة "Fast Patrol Craft" من طراز "Swiftship" من فئتي 25 مترا و28 مترا.

 

وأوضح الإخطار أن مدة العقد هي 5 سنوات، وبأنه سيدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال مساعدة الشريك الاستراتيجي المصري بالدعم الحيوي للقطع البحرية المسؤولة عن حماية الأمن البحري للبلاد.

 

يبقى التذكير بأن "البنتاجون" حث، في إخطاره، الكونجرس الأمريكي، على "سرعة" الموافقة على عقد التطوير، لاسيما بعد الموافقة السريعة من وزارة الخارجية الأمريكية عليه.

 

التوازن الإقليمي

أشار الإخطار إلى أن العقد المقدم "حيوي للحفاظ على الأمن القومي المصري والتوازن الإقليمي، وحرية حركة التجارة الدولية عبر قناة السويس".

 

يجدر التذكير بأن موافقة وزارة الخارجية الأمريكية، والكونجرس، أمر أساسي لإتمام أي صفقة تسليح أو تعاون عسكري بين الولايات المتحدة والدول الأخرى الحليفة والصديقة، وفي حالتنا هذه، سارعت الخارجية الأمريكية بالموافقة على عقد تطوير البحرية المصرية سريعا، ويتوقع أن تخرج الموافقة من الكونجرس، بعد ضغط من أعضاء الحزب الجمهوري، الذين يهيمنون على مجلس الشيوخ، صاحب القرار الفاصل في هذه المسألة.

 

العبارة الأخيرة من الإخطار تحديدا تثير تحليلات متعددة، فهي تشير إلى رؤية أمريكية وقناعة مفادها بأن البحرية المصرية قد تكون رأس الحربة في التعامل مع تحديات محورية

لها علاقة مباشرة وحساسة بالأمن القومي المصري.

 

جبهتان مهمتان

 

وبشكل أكثر تحديدا، تكمن تلك التحديات في جبهتين شديدتي الحساسية..

 

الأولى، جبهة التصعيد في منطقة الخليج بين إيران، من ناحية، ودول خليجية والولايات المتحدة وأطراف أوروبية من ناحية أخرى، وهي الجبهة التي زادت سخونة بعد الأحداث البحرية في الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز، والتلميحات الإيرانية بنقل الاضطرابات إلى مضيق باب المندب.

 

الثانية، جبهة شرق البحر المتوسط، والتي التهبت كثيرا خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع إصرار تركيا على التنقيب في مناطق تقول إنها تقع ضمن نطاق جرفها القاري، في تحركات أثار انزعاجا أوروبيا وأمريكيا، وغضبا مصريا وقبرصيا.

 

مما سبق، يتضح أن الوجه الصريح لتلك التحديات يتركز في البحر، وهو ما يلقي بمسؤوليات شديدة الحساسية على القوات البحرية المنخرطة في إطار هذه التحديات، وأبرزها البحرية المصرية، لاعتبارين أساسيين.

 

1- كون مصر هي القوة العسكرية الأكبر حاليا في المنطقة، من واقع تصنيفات الجهات العسكرية.

 

2- كون أن هذه التحركات تمس جبهات تؤثر بشكل مباشر في الأمن القومي المصري ومقدرات البلاد، سواء في مضيق باب المندب، الذي يعد المدخل الأساسي لقناة السويس، أو دول الخليج التي صرح الرئيس "عبدالفتاح السيسي" أكثر من مرة بأنها تمثل عمقا مهما للأمن القومي المصري، أو شرق المتوسط، الذي بات شريانا مهما للطاقة في مصر.

 

أولا: باب المندب

 

ليس خافيا أن الولايات المتحدة حاليا تعمل على تشكيل تحالف بحري لحماية مضيقي هرمز وباب المندب، في ضوء التوترات الأخيرة مع إيران، وستكون مصر من أوائل الدول المعنية بالانخراط في هذا الحراك، لأهمية باب المندب الشديدة لها، فهو المدخل الوحيد لقناة السويس التي تمثل جزءا معتبرا من عصب المدخلات الاقتصادية للبلاد.

 

من هنا يمكن قراءة حرص واشنطن على سرعة تحديث الأسطول البحري المصري، والتركيز على تحديث فرقاطات الصواريخ الموجهة من طراز "أوليفر هازارد بييري"، وزوارق الدورية والمرور الساحلي السريعة "Fast Patrol Craft".

 

ومن المعروف أن مهمة القوة البحرية التي ستتولى حماية الملاحة في باب المندب وهرمز ستتركز بالأساس على مهام المراقبة والاستطلاع، ومرافقة ناقلات النفط والناقلات التجارية المارة، وهي مهمة تنصب في الأساس على فرقاطات الصواريخ واللنشات البحرية السريعة، المسلحة بالصواريخ أيضا.

 

وتشير تحليلات سابقة إلى أن إيران إذا قررت التصعيد في باب المندب، لن تستخدم قواتها البحرية بشكل مباشر، كما هو الحال في مضيق هرمز، الواقع أمامها، ولكن سيكون التركيز على استخدام القدرات البحرية لميليشيات الحوثي، حليفها البارز في اليمن، والقدرات الحوثية هنا تتركز في الزوارق المسيرة المفخخة وإمكانية زرع ألغام بحرية لإعاقة حركة الناقلات التجارية المارة بباب المندب.

 

هنا تظهر أهمية ما احتواه عقد التطوير الأمريكي مع مصر من تطوير وتحديث لصائدات الألغام الساحلية "Osprey Class Mine Hunter"، والتي تتميز بقدرتها العالية على اكتشاف الألغام المزروعة بحريا والتعامل معها.

 

ثانيا: شرق المتوسط

 

يبدو هذا هو التحدي الأكثر تعقيدا، والذي قد تضطر مصر للتعامل معه لحماية حقول الغاز المكتشفة في المنطقة، وأبرزها حقل "ظهر"، والذي تبعه اكتشافات بحرية غازية مهمة، حيث تسعى مصر إلى تسريع الإنتاج من حقولها المكتشفة حديثا، بعد أن أعلنت توقفها عن الاستيراد نهاية 2018، وسعيها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.

 

هنا تظهر أهمية تحديث الأسطول البحري المصري لمواجهة أي تهديد قد تفرضه تركيا في شرق المتوسط، حيث تصر أنقرة على استمرار التنقيب في مناطق أثارت انزعاجا وغضبا مصريا استدعى توجيه القاهرة تحذيرات متكررة لوقف هذا الأمر.

 

من المهم هنا ذكر أن وحدات تركيا البحرية تجوب منطقة شرق المتوسط لتوفير الحماية لسفن التنقيب "فاتح" و "ياووز" اللتان تعملان حاليا، وتهدد أنقرة بإدخال سفيتني تنقيب ثالثة ورابعة.

 

الوحدات البحرية العسكرية التركية التي تجول المنطقة تتشكل بالأساس من فرقاطتي "بارباروسا" و "أوليفر هازارد بييري" الأمريكية، والتي تمتلك تركيا النسخ المحدثة منها حاليا، لذلك كان من المهم أن تبادر البحرية المصرية بتحديث الفرقاطات المتواجدة لديها من نفس النوع لتكون قادرة على مجابهة الفرقاطات التركية في حالة حدوث أي مستجدات، وهو ما اشتمل عليه العقد الأمريكي الأخير.

 

الانزعاج الأمريكي من التحركات التركية في شرق المتوسط قد يكون سببا إضافيا دعا واشنطن لتسريع خطوات تحديث البحرية المصرية.

 

يبقى القول إن مصادقة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" على اتفاق الشراكة الشاملة مع مصر، اليوم السبت 3 أغسطس، قد تكون شكلت محددا مهما في تسريع الخطوة الأمريكية بتلبية ما تحتاجه مصر لتحديث القطع الأمريكية الصنع العاملة ضمن أسطولها البحري، حيث تشتمل الاتفاقية الروسية المصرية على تطوير التعاون في المجال الفني العسكري.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان