أطلق المؤتمر الدائم للمرأة العاملة، حملة تدعو فيها الحكومة للتصديق على الاتفاقية 190 الصادرة من منظمة العمل الدولية والخاصة بالقضاء على التحرش داخل أماكن العمل في ظل وجود دراسات تشير إلى تعرض النساء في مصر للتحرش والعنف داخل أماكن العمل.
الاتفاقية رقم (190) الخاصة بالعنف والتحرش داخل أماكن العمل التي اعتمدتها منظمة العمل الدولية بتاريخ 21 يونيو 2019 فى مؤتمرها السنوي بالعاصمة السويسرية جنيف بعد موافقة أطراف العمل الثلاثة ممثلى الحكومات،وأصحاب العمل والعمال.
وتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد 12 شهرا من تصديق دولتين عضوين عليها وتهدف الاتفاقية إلى خلق مناخ أفضل وأكثر أمانا لبيئة عمل لائقة للنساء والرجال من خلال القضاء على جريمة العنف والتحرش الذي يحدث فى مكان العمل بما فى ذلك الأماكن العامة والخاصة حيثما يوجد مكان العمل.
وتبلغ نسبة مساهمة المرأة في قوة العمل 22.9% من إجمالي قوة العمل خلال المرحلة العمرية من 15 - 64 عاما، وهي تمثل ما يقرب من ثلث مساهمة الرجال التي تبلغ 69.9 %، بحسب تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2018
كما بلغت نسبة النساء العاملات بأجر في الأنشطة غير الزراعية 17.5%، وبلغت نسبة المشتركات في التأمينات الاجتماعية 64.1% مقابل 45.4% للذكور، كما بلغت نسبة المشتركات في التأمين الصحي 60.9% مقابل 39.1% للذكور.
في 2014، أظهرت دراسة للاتحاد العام لعمال مصر أن 30% من السيدات العاملات في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي، في الوقت الذي أوضحت فيه دراسة للأمم المتحدة أن 99 % من النساء في مصر يتعرضن للتحرش اللفظي أو الجسدي.
غير أن مشروع قانون العمل الجديد المقرر التصويت عليه في مجلس النواب الفترة المقبلة، أغفل جريمة التحرش الجنسي والعنف داخل أماكن العمل والاكتفاء بتركها لقانون العقوبات دون التعرض رغم أنها كان منصوص على مواد خاصة بالتحرش الجنسي في مشاريع قانون العمل السابقة.
فيما اقترح المؤتمر الدائم للمرأة العاملة في إحدى الندوات إضافة مادة لمشروع قانون العمل الجديد توضح أن الأشكال التي تعتبر تحرشا جنسيا أو عنفا في مكان العمل وألزمت صاحب العمل بوضع كاميرا في جميع الأماكن بالمنشأة وتوفير حمامات وغرف تبديل ملابس خاصة بالنساء خاضعة للتفتيش والمراقبة من قبل لجان السلامة و الصحة المهنية، كما وضع المؤتمر الدائم مادة آخرى تنص على العقوبات المقررة التي تصل إلى الفصل من العمل والتعويض المادي.
ويعرف القانون التحرش بنص المادة 306 مكرر (أ) على إنه: "كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص او مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية"، وأوضحت المادة أن مرتكب هذه الأفعال يتم معاقبته بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة ما بين 3 إلى 5 آلاف جنيه.
وفي تعديلات 2014، تحدث نص المادة 306 مكرر (ب) عن التحرش الجنسى فى أماكن العمل، واعتبرت التحرش الصادر من قبل من له سلطة وظيفية على المجنى عليها ظرفًا مشددًا للعقوبة وغلظت العقوبة من الحبس سنتين حتى 5 سنين وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه وحتى 50 ألفين جنيه.
ومن أكثر أشكال التحرش الجنسي شيوعا هو ما يعرف بالمقايضة وهي الحالة التي يطلب فيها شخص يتمتع بسلطة مؤسسية مطالب جنسية من شخص ذي سلطة أقل نسبيا، مقابل ترقية وظيفية مثلا، أو التهديد بالانتقام الوظيفي ، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
لكن بحسب "بي بي سي" فأن هذا النوع يمثل نسبة صغيرة من تجارب التحرش الجنسي إذ تبلغ ما بين 3 في المئة و16 في المئة حسب البلاغات، بينما تمثل الاعتداءات الجنسية والاغتصاب في أماكن العمل نسبة أقل من ذلك، إذ تتراوح ما بين واحد في المئة إلى ستة في المئة.
ويشمل التحرش التعليقات الشفهية غير المرغوب فيها، والطلبات غير المناسبة والمتكررة لتحديد موعد غرامي، والملاحظات حول الشكل، والسلوك غير اللفظي، مثل التحديق، والصفير أحيانا، والإيماءات التي غالبا ما تأتي من أشخاص متساوين في المركز والقوة مع الضحية وهي أمور تبلغ نسبتها حوالي 55 %امن حالات التحرش الجنسي، بحسب "بي بي سي".
فيما كشفت دراسة حديثة بشأن التحرش الجنسي في الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين، عن أن ثلث موظفي المنظمة الدولية أبلغوا عن تعرضهم لتحرش جنسي خلال تلك الفترة من عملهم مع الأمم المتحدة، وشكا واحد من كل 3 مشاركين في الدراسة، أو 33 في المئة، التعرض لحادثة واحدة على الأقل من المضايقات والتحرشات الجنسية في آخر عامين.
التحرش المتكرر في أماكن العمل يؤدي إلى بيئة عدائية في مكان العمل يمكن أن يكون لها نفس العواقب السلبية للاعتداء المباشر على الضحية، ويشمل ذلك الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، كما يمكن أن يؤثر على مهنة الضحية مع مرور الوقت، ما يؤدي إلى التغيب عن العمل كثيرا، وفقدان الفرص الوظيفية.
ومن ضمن الأساليب التي تستخدمها النساء لتجنب التحرش هي تجنب الشخص المتحرش لكن احتمال نجاح هذا الأسلوب أقل بكثير من المواجهة المباشرة في وقف التحرش، ولكن بسبب الخوف والمخاطر من الانتقام عند مواجهة المتحرش، فإن اختيار المواجهة يكون أقل احتمالا بكثير وينطبق هذا أيضا على الإبلاغ الرسمي، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
فيما ساعد انتشار هاشتاج (Me Too ) على موقع التغريدات القصيرة "تويتر" الكثير من النساء حول العالم لمساعدتهم من خلال لق فرصة للسيدات والفتيات التي تعرضن للتحرش الجنسي، لسرد تفاصيل ما حدث معهم بشكل جرىء، ودعم ضحايا التحرش والعنف ضد المرأة.
وكشفت الكثير من الفنانات العالميات عن وقائع التحرش بهن، منهم المغنية الأمريكية ليدي جاجا للاغتصاب على يد منتج اسطوانات يكبرها بعشرين عاما، وكانت وقتها تبلغ 19 عاما، وقالت جاجا حول الحادثة: "عندما تمر بصدمة كهذه لابد أن تشعر بصدمة عصبية وآلم نفسي وعاطفي كبير.. وتشعر حينها أنك تكره جسدك.. ولكنها رفضت الإفصاح عن اسم المعتدي.
وفي السياق المحلي، وضع المجلس القومي للمرأة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي أصدرها في 2014 مع المجتمع المدني والسلطات القضائية والتشريعية، بعض الأمور التي يجب توفرها في بيئة العمل والمجال العام حتى يكون لها حق الحصول على الفرص والتحكم في مقدرات حياتها.
أشار المجلس في الاستراتيجية إلى ضرورة تفعيل القوانين التي تحمي حق المرأة في وجود آليات تضمن لها التظلم في حالات التحرش، مع وجود إجراءات لمكافحته داخل مكان العمل، إلى جانب التوسع في تفعيل مبادرات مكافحة التحرش الجنسي والتوعية به من خلال الجامعات ومراكز الشباب ومنظمات المجتمع المدني.
وبحسب منى عزت، مديرة برنامج المرأة والعمل في مؤسسة المرأة الجديدة في تصريحات صحفية فأن مؤسسة المرأة الجديدة تسعى إلى وجود قوانين تختص بمعاقبة المتحرشين داخل أماكن العمل.
وأشارت منى عزت في تصريحات صحفية إلى التعاون مع مجلس النواب لتعديل قانون العقوبات بإضافة مادة تشير إلى العنف الجنسي داخل أماكن العمل، والعقوبة الخاصة به، مع مجموعة من التوصيات والسياسات التي يجب إتباعها في أماكن العمل الحكومية والخاصة.