بعد عام شاق من المذاكرة والضغوط العصبية والدروس الخصوصية، كلل الله مجهود عدد من طلاب الثانوية العامة والأزهرية بالنجاح والتفوق، فأصبحوا أوائل الجمهورية وحديث المصريين وقريبا سيكون ضيوفها على القنوات الفضائية ليحكوا لنا تجربتهم.
جميعهم متفوقون، جمعتهم المثابرة والفرحة، والنجاح والصدارة في مدارسهم ومحافظاتهم، ولكن فرقتهم بوصلات الوجهات إلى الكليات والجامعات، فبعد أن توحدت أحلامهم على التفوق في الثانوية.. لا تبدو أحلامهم الآن واحدة، بل وجهاتهم شتى.
حلم دراسة الهندسة بألمانيا
فى الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، رن الهاتف الشخصي لمحمود محمد بيومى الشبلنجى، الطالب بالشعبة العلمى رياضة بالمدرسة المتميزة للغات بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وتفاجئ برقم غريب، رد عليه وهو في حالة من الحذر، ولكن سرعان ما تحول حذره إلى فرحه عارمة بعد أن أخبره المتصل أنه وزير التربية والتعليم طارق شوقي، وأنه حرص على تهنئته بحصوله على المركز الأول على مستوى الجمهورية بالثانوية العامة، شعبة علمي رياضة و حصوله على مجموع 409.5 من 410 مجموع .
لم يصدق محمود فى البداية ما سمعته أذنه، فطلب من الوزير التأكد من رقم الجلوس ليؤكد له الوزير أنه هو المقصود وأخبره بالأسم كاملا ورقم جلوسه ومدرسته، فلم يتمالك الطالب نفسه فأدمعت عيناه من الفرحة وقابلت أسرة الطالب الخبر بالسجود لله شكرا على تفوق نجلهم، واكتفى الأب محمد بيومى الشبلنجى الذى يعمل بشركة غاز مصر، بترديد عبارة "الحمد لله".
وفى تصريح له بعد مكالمة وزير التعليم، قال والد الطالب محمود،: "الحمد لله على كل شىء وشعرت بعد التهنئة من الوزير أننى ملكت الدنيا كاملة فى يدى"، لافتا إلى أن تفوق نجله هو نتاج لمثابرة وتعب استمر طوال العام، ما بين المتابعة للدروس والمذاكرة وتعب الأسرة جميعها من أجل الوصول إلى التفوق.
محمود الذى كان يذاكر ما يقرب من 8 ساعات يوميا، أشار إلى أن مثله الأعلى هو الدكتور أحمد زويل، موضحا أنه يطمح فى دراسة الهندسة بألمانيا.
مروان «أينشتاين» الجديد
محمود ليس المتفوق الوحيد، فهناك عشرات المتفوقين، إلا أن أبرزهم كان مروان وحيد عبدالله عواد، الطالب في مدرسة صلاح الدين الثانوية بنين بمشتول السوق، والذى حاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية نظام الدمج بمجموع 405 من 410 درجة، وبنسبة مئوية بلغت 98.9%، بشعبة علمي رياضة.
يتمنى مروان أن يلتحق بكلية الهندسة، وفقا لحديث والده "وحيد عبدالله عواد"، موظف على المعاش، الذى أشار إلى أن نجله مصاب بمرض التوحد، وأنه مر بأزمات نفسيه كبيرة بسبب حالة مروان إلا أنه جنى ثمار تعبه طوال السنوات الماضية اليوم عندما أخبره وزير التعليم بأن ابنه من أوائل الجمهورية، مضيفا "وربنا عوضني خير فيه بعد حصوله على المركز الأول".
ويروى والد مروان أن الأطباء الذين يتابعون حالة ابنه الصحيه، أخبره فى يوم من الأيان أن مروان سيكون مثل العالم الكبير "أينشتاين"، مقدما الشكر لكل المدرسين والأخصائيين الاجتماعيين بمدرسة "صلاح الدين" الثانوية بنين في مشتول السوق، لدوره الكبير ودعمهم لمروان.
التركيز سر تفوقه
لم تختلف قصص كفاح طلاب الثانوية الأزهر عن أقرانهم فى الثانوية العامة، فأحمد بكر، الطالب الحاصل على المركز الأول بالشهادة الثانوية الأزهرية الشعبة العلمي بعد حصوله على 650 درجة بنسبة 100%، أشار إلى أن أحد أسباب تفوقه هو حرصه على مذاكرة دروسه أولا بأول وقدرته على تنظيم الوقت بين المذاكرة واللعب فى الأيام العادية، إلا أنه مع اقتراب الامتحانات كان يزيد من وقت المذاكرة، بمعدل 6 ساعات، كان يحصل على دروس خصوصية في أغلب المواد الثقافية والشرعية.
يرى أحمد أن التفوق يأتي بالتركيز وليس بكثرة ساعات المذاكرة، ويحلم ابن قرية الدلجمون بمحافظة الغربية بالالتحاق بكلية الطب وإتمام دراسته بالخارج.
مدرسو المعهد أغنوه عن الدروس الخصوصية
الطالب محمد السيد خليل محمد المتولى، الأول على القسم الأدبى بالثانوية الأزهرية، عبر عن سعادته الغامرة بمكالمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، له، مؤكدا أنها شرف كبير له.
كان محمد السيد، يذاكر ساعتين أو ثلاثة أو عشرة فى اليوم حسب حاجة الدراسة، مشيدا بالدور الكبير الذى لعبه معه أساتذته بالمعهد الديني، هذا الدور كما يروى أول الثانوية الأزهرية أدبي أغناه عن الدروس الخصوصية، وجعله أكثر تركيزًا فيما يشرح بالمعهد.
رفض أول الثانوية الأزهري أدبي الإفصاح عن رغبته قائلا :"أنا الآن لا أفكر فى أى كلية سأجلس مع الكبار فى القرية وتنناقش حول الكلية الأنسب لى ولا اهتم بشكل أو اسم الكلية، كل ما يهمنى فقط هو التتويج بالنجاح فى النهاية"، مشيرا فى الوقت ذاته أنه لا يملك فيس بوك.
باع هاتفه حتى لا ينشغل عن المذاكرة
كان الطالب أحمد جمال صابر، الأول على الجمهورية بشعبة الشريعة الإسلامية بالثانوية الأزهرية بمعهد الشعبة الإسلامية بالعاشر من رمضان، يتوقع النتيجة التى حصل عليها، وكان لديه ثقه فى الله ثم في مجهوده الذي قام به أثناء الدراسة وفي الامتحان.
وأشار إلى أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، اتصل به عقب صلاة العصر بنصف ساعه، وطلب التحدث لوالده لكنه أخبره بأن والده متوفى، فقام بتعزيته وقدم التهنئة لوالدته التى تعمل كبيرة معلمين في وزارة التربيه والتعليم.
لم يحصل أحمد جمال على دروس خصوصية طوال فترة دراسته إلا في مادة اللغة الفرنسية، لرغبته فى تقويه مستواه فى هذه المادة، وذكر أنه باع هاتفه المحمول "الأندريد" واشترى هاتفا عاديا لكي لا يشغله عن المذاكرة وكان يعمل ملخصات لنفسه ولزملائه أثناء الدراسة، وكشف عن رغبته في الالتحاق بكلية اللغة العربية لعشقة للغة والكلية.
هبة لم يمنعها كف البصر من التفوق
تلقت هبة فتوح حسين، اتصالا هاتفيا عصر اليوم من الدكتور أحمد الطيب ليخبرها بحصولها على المركز الأول بالثانوية الأزهرية فئة المكفوفين، بمجموع 97.5%، ويؤكد لها أن كف البصر الذي ولدت به، لم يمنعها عن النجاح والتفوق الدراسي.
وترغب هبة فى الالتحاق بكلية الشرعية الإسلامية، مشيرة إلى أن الدراسة الجامعية ليست نهاية المطاف بالنسبة لها.