يبدو أن العقوبات التى نص عليها القانون المصري، وحملات التوعية بخطورة زواج القاصرات على الفتيات، لم تعد كافية لإقناع المصريين بالكف عن ظاهرة الزواج المبكر، فأمس الخميس رصدت لجان حماية الطفل في مدينتي سيدي غازي وكفر الشيخ، حالتي زواج مبكر لأطفال أقل من السن القانوني، تم تحديد موعد زفافهما في شهري سبتمبر وديسمبر المقبلين.
واستقبل خط نجدة الطفل الرئيسي بالقاهرة التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة بلاغين بخصوص حالتي الزواج المبكر، البلاغ الأول حمل رقم 157847 / 20، وفيه تم الإبلاغ عن تحديد موعد زفاف "ش.ع.إ.ا"، 16 سنة، طالبة في بالصف الأول الثانوي، وتقيم بمدينة سيدي غازي، في شهر سبتمبر المقبل.
وحمل البلاغ الثاني رقم 157848 / 20، وفيه جرى الكشف عن زواج الطفلة "أ.ع.ج"، 15 سنة، وتقيم بعزبة تابعة لقرية السرايا بمركز كفر الشيخ، حاصلة على الشهادة الإعدادية العام الدراسي الماضي، وتحديد موعد زفافها في شهر ديسمبر المقبل.
المهندس صبري عبد المنعم منسق عام حماية الطفل بديوان عام محافظة كفر الشيخ، تقدم ببلاغ رسمي إلى نيابة كفر الشيخ، يطالب فيه باستدعاء أولياء أمور الطفلتين لأخذ التعهدات والإقرارات اللازمة عليهما بعدم اتمام زواج الطفلتين إلا بعد بلوغهما السن القانوني 18 عاما.
فى دراسة نشرت في يناير2019 كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد من سبق لهم الزواج في الفئة العمرية (10-17 عاما) يبلغ 117 ألفًا و220 شخصًا بنسبة 0.8% من جملة السكان في هذه الفئة العمرية.
كشفت نتائج المسح الصحى فى مصر عام 2014 أن نسبة الإناث المتزوجات فى الفئة العمرية من 15-19 إلى 14.4% وتزداد أعدادهن فى المناطق الريفية، وهن من بين ذوات المستوى التعليمى.
وبلغت نسب زواج القاصرات فى المحافظات القاهرة 9.10%، بنى سويف 3.80%، الجيزة 8.10%، الفيوم 3.60%، الشرقية 7.70%، أسوان 1.60%، المنيا 6.90%، الإسماعيلية 1.40%، البحيرة 6.70%، دمياط 1.30%، الدقهلية 6.40%، السويس 0.70%، أسيوط 5.90%، بورسعيد 0.70%، القليوبية 5.80%، الاقصر 0.50%، الغربية 5.00%، مرسى مطروح 0.40%، الإسكندرية 5.00% البحر الاحمر 0.30%، سوهاج 5.00% الوادى الجديد 0.30% المنوفية 4.80%، شمال سيناء 0.30%، قنا 4.30% جنوب سيناء 0.10%، كفر الشيخ 4.00%.
وهناك حالات كثيرة لم تصل بالفعل للجهات المسئولة، ولم يتم رصدها- حسب تأكيد عدد من العاملين فى مجال حماية الطفل.
ورغم نص القانون المصري عام 2008، على رفع سن زواج الإناث من 16 إلى 18 سنة أسوة بالذكور، إلا أن الثغرات الموجودة فى القانون أتاحت فرصا للتحايل على القانون بعقود غير موثقة.
الاستراتيجية القومية للحد من الزواج المبكر، كشفت عن وجود أسباب عدة لانتشار زواج القاصرات، من بينها: الضغوط الاقتصادية والوضع التعليمي المتدني، وزيادة عدد الفتيات في الأسرة وعدم وجود ما يرغبهن في التعليم، فضلًا عن المعتقدات التقليدية الخاطئة التي تؤدي ورها في إسراع الآباء إلى تزويج بناتهن خوفًا من "شبح العنوسة" على سبيل المثال.
الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، وصف هذه الظاهرة بالسلبية، موضحا أن زواج الأطفال سبب رئيسي في الخيانة الزوجية، والندم على الاختيار، فبعد الزواج يبدأ الانفتاح على الحياة وتتغير المفاهيم.
وأكد فرويز فى تصريح سابق لـ"مصر العربية"، أن أغلب القاصرات يعانين من الحرمان العاطفي، فيتجهن إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وعن كيفية نصح الأهالي بأن الزواج المبكر يضر أبناءهم، لفت أستاذ الطب النفسي، أن الحل هو أن يروا بأنفسهم مصائب الزواج المبكر من خيانة وعدم تحمل للمسئولية، خاصة أنه في أغلب الحالات تداري الأم على عدم مقدرة نجلتها على إدارة المنزل لصغر سنها مما يزيد المشاكل.
وأرجع فرويز، السبب في انتشار زواج القاصرات إلى المشاكل الأسرية، حيث ترغب الأسرة في التخلص من البنت للتخفف من الأعباء المالية، لافتًا إلى أن الحل تطبيق قانون منع زواج القاصرات بحرص شديد، لأن هناك الكثير ممن يتحايل على القانون.
وبدوره أكد محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، أن ظاهرة زواج القاصرات تزيد من قضايا أخري كأطفال بلا مأوى، وارتفاع نسب الطلاق، والحل الأمثل لتلك القضايا هو مواجهة تلك الظاهرة والقضاء عليها بشكل عاجل وحاسم.
وأشار إلى أنه يجب تنظيم حوار مجتمعي مع كل أطراف القضية، والنزول للقرى والنجوع في المحافظات ومخاطبة كل الفئات لحل تلك القضية.
ومن جانبه شدد النائب شكرى الجندى، عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، على ضرورة التصدى لظاهرة الزواج المبكر لكونه يؤدى إلى الكثير من المفاسد والأضرار فى المجتمع.
واوضح أن معالجة هذه القضية تتطلب تكاتف مؤسسات المجتمع ككل، خاصة المؤسسات الدينية (الأزهر والأوقاف والكنيسة)، والمؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات)، ووزارة الصحة، والمجتمع المدنى والإعلام، بأن يتم تدشين حملة قومية كبرى تصل لكل أنحاء الجمهورية، للتوعية بخطورة الزواج المبكر وزواج القاصرات، وشرح وتوضيح آثاره السلبية ومخاطره الطبية والصحية خاصة على الفتاة.