رئيس التحرير: عادل صبري 11:06 صباحاً | السبت 05 يوليو 2025 م | 09 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

كرة القدم.. حكايات من تاريخ المواجهات السياسية

كرة القدم..  حكايات من تاريخ المواجهات السياسية

أخبار مصر

أرشيفية

كرة القدم.. حكايات من تاريخ المواجهات السياسية

سارة نور 19 يونيو 2019 15:43

ثمة علاقة معقدة بين السياسة ولعبة كرة القدم، فتحولت الملاعب إلى ساحات مواجهات ومناورات سياسية في بعض الأحيان، وموضع لإثبات الذات والسيادة في أحيان آخرى، بل قد يصبح الفوز في مباراة كرة قدم هو المشروع القومي الذي يلتف حوله الجماهير.

 

هناك وقائع شهيرة ربما تدل على وطأة استخدام تلك اللعبة الشعبية  في الصراع السياسي بين الدول، ربما من أشهرها، ما حدث في النسخة الثانية من بطولة كأس العالم في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما حصلت إيطاليا التي كانت ترزح تحت حكم الديكتاتور موسوليني على حق تنظيم البطولة.

 

الفوز أو الموت

موسوليني الذي كان يبحث عن إنجاز وهمي يجمل صورته أمام شعبه و أمام العالم، اعتبر فوز منتخب بلاده حربا صفرية لا يحتمل فيها سوى تحقيق النصر،  فاختار الحكام وتقسيم الفرق، كما هدد المدرب فيتوريو بوتزو حال لم تحصل إيطاليا على البطولة بقوله: "أنت المسؤول الأول، إن فشلت فليكن الرب في عونك"، بحسب تقارير صحفية.

 

موسوليني أجبر  اللاعبين على أداء التحية الفاشية في كل مباراة كونه موجودًا في المدرجات باستمرار، كما غلب على البطولة الطابع الإقصائي، وأقيم حفل للاعبي إيطاليا وارتدوا الزي العسكري وقتها، ونزلوا اللقاء النهائي بشعار الفوز أو الموت.  

 

أثناء المباراة تغاضى الحكم عن ركلة جزاء واضحة في الشوط الأول لتشيكوسلوفاكيا، حتى أن موسوليني بين الشوطين عنّف لويس مونتي، مدافع إيطاليا، وأكد له أن الاتفاق مع الحكم كان التغاضي عن مخالفة واحدة ولو تكررت يحتسبها ، وبعدها فازت إيطاليا بالفعل بالمونديال.  

 

ووصلت إيطاليا للنهائي للعام الثاني على التوالي في فرنسا 1938 لتواجه المجر،ورغم أنّ البطولة لم تكن تحت إشراف موسوليني، إلا أنّه أرسل للاعبين في اللقاء النهائي تهديدًا مفاداه إما الفوز بالبطولة أو الموت، غير أن اللاعبين نفوا هذه الواقعة.

 

لكن  الحارس المجري أنتال سزابو تحدث عن اللقاء وقال: "لأول مرة لا أكون حزينًا بعد الهزيمة، سمعت أن موسوليني هدد اللاعبين بالقتل. خسرنا المباراة ولكن أنقذنا روح 11 إنسان".

 

لا تنسوا سخاء الجنرال

 

فرانسيسكو فرانكو ديكتاتور إسبانيا أعلن الحرب على إقليم كاتالونيا وعاصمته برشلونة بسبب مطالبة سكان الإقليم بالانفصال عن إسبانيا، وبالتالي كانت الأندية الكاتالونية تعيش واقعا مريرا ازداد سوءا عندما مر فرانكو طائراته بقصف نادي برشلونة في 1936.

 

وأطلقت الطائرة  القذائف على ملعب "الكامب نو"، لتندلع بعد ذلك شرارة الحرب الأهلية في إسبانيا كلها، والتي أدت إلى نصف مليون قتيل، وكان هذا التصرف هو سبب العداء الكبير بين  برشلونة ونادي ريال مدريد حتى اليوم بسبب دعم فرانكو له.

 

وفي عام 1943  أثناء مباراة الكلاسيكو في كأس ملك إسبانيا، تقدم فريق برشلونة بهدف وحيد على ريال مدريد في الشوط الأول، لتقوم الشرطة الإسبانية خلال الاستراحة بين الشوطين باقتحام غرفة ملابس نادي برشلونة.

 

وهددت الشرطة  لاعبي برشلونة بقتل وسجن أسرهم إذا لم يتركوا ريال مدريد يفوز بالمباراة حتى لا يحزن الجنرال، وأخبروهم:"لا تنسوا أن سخاء الجنرال، الذي تغاضى عن نقص الوطنية عندكم، هو السبب الوحيد وراء بقائكم تلعبون"، وبالفعل في الشوط الثاني انتهت المباراة بنتيجة 11/1 لريال مدريد.

المنتخب الجزائري ومقاومة الاستعمار

 

المنتخب الجزائري

وراء إنشاء المنتخب الوطني الجزائري قصة نضال ضد المستعمر الفرنسي، ففي 1958 خرج أربع من لاعبي كرة القدم الجزائريين المحترفين في صفوف المنتخب الفرنسي من فرنسا وهم: عبد الحميد بوشوك وعبد الحميد كرمالي ورشيد مخلوفي ومختار عريبي  وتوجهوا إلى إيطاليا ومنها إلى تونس.

 

وفي تونس التحق بهم ثمانية لاعبين آخرين هربوا أيضًا من فرنسا على طريقتهم، ليشكلوا نواة أول منتخب كرة قدم جزائري، رغم أن البلاد لم تكن قد حصلت على استقلالها بعد والأب الروحي للمنتخب الوطني كان اللاعب الجزائري في فرنسا محمد بومزراق، بتشجيع من رئيس جبهة التحرير الوطني وقتها أحمد بن بلا، بحسب  كتاب القصة المجيدة لفريق جبهة التحرير الوطني.

 

ولأن اللاعبين الجزائريين كانوا يلعبون في صفوف المنتخب الفرنسي لأن الجزائر كانت لازالت تحت الاحتلال، وبالفعل كان قد اختير بعضهم للمشاركة في كأس العالم في نفس السنة، بعضهم  اعتقل خلال توجههم إلى تونس، بينهم حسان شبري، الذي أوقف على الحدود الفرنسية الإيطالية وسُجِنَ عامًا.

 

ومارست فرنسا  ضغطا على الاتحاد الدولي لكرة القدم لمعاقبة أي منتخب يلعب ضد فريق الجزائر الوليد، لكن الجزائر حينها كقوة رياضية مهمة في كرة القدم، وكان هذا الفريق واحدًا من أوائل المؤسسات الجزائرية الخالصة التي عبرت عنها كدولة مستقلة.  

 

حرب السلفادور وهندوراس

 

في تصفيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 1970 أوقعت القرعة البلدين في مواجهة حاسمة لتحديد الفريق الذي المتأهل إلى المرحلة النهائية المقامة على ملاعب المكسيك، فازت هندوراس على ملعبها في المباراة الأولى واعتدت الجماهير الهندوراسية على جماهير السلفادور حتى وصل الأمر لفراراهم إلى بلادهم تاركين ممتلكاتهم.

 

مر أسبوع واحد فقط على مباراة الإياب وفازت السلفادور في ملعبها وثأرت من جماهير الهندوراس، و14 يوليو 1969 كان موعد المباراة الفاصلة التي فازت فيها السلفادور وتأهلت، إلا أن الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما.


 

وانتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور وأطلقت على كتيبة النيران داخل الأراضي السلفادورية لترد الأخيرة وبعد أسبوعين وتدخل الوساطات من الدول توقفت الحرب بعد أن أدت إلى دمار كبير وخسائر تقدر بـ  3000 قتيلاً وعشرات الآلاف من الجرحى.

 

غير أن الصحفي البولندي ريزارد كابسينسكي، وهو أحد أعظم الصحفيين آنذاك إن هذه  المباراة كانت فقط المحرك لهذا الصراع والتي استخدمتها الحكومتان لتبرير وتعزيز موقفيهما أمام شعبيهما، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.

 

الأزمة بين صربيا وسويسرا  

 

في النسخة الـ 21  من المونديال، شهدت العلاقات العلاقات السويسرية الصربية من أزمة قصيرة المدى على خلفية ما حدث في مباراة كرة القدم التي جمعت بين منتخبي الدولتين، حينما أثار ثنائي منتخب سويسرا "جرانيت تشاكا"، و"شيرد انشاكيرى" أزمة سياسية  بعد إحرازهما هدف الفوز.

 

اللاعبان احتفلا معا  بهدف الفوز عن طريق رسم النسر الرمزي المتواجد على علم دولة ألبانيا ،وهو ما أثار حفيظة الصرب، ما ترتب عليه توقيع الفيفا لعقوبات مالية على اللاعبين ، ولكن سرعان ما التأمت الأزمة وتم احتوائها.

 

مباراة مصر والجزائر

المباراة كانت فاصلة بين المنتخبين لتحديد المتأهل إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010  بعدما تساوى المنتخبين في عدد النقاط (13 نقطة) ولم يتم الاحتكام إلى قاعدة الهدف الاعتباري لذلك قرر الاتحاد الإفريقي تحديد مباراة فاصلة تمت إقامتها بالسودان وسط أجواء مشحونة من جانب جماهير المنتخبين.

 

وفي 18 نوفمبر2010  فاز منتخب الجزائر 1-0 وتأهل إلى بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا،وبعد نهاية المباراة  التي انتهت بخسارة منتخب مصر، تقدم الاتحاد المصري إلى فيفا بشكوى رسمية ضد نظيره الجزائري، أكد خلالها أن حياة المشجعين واللاعبين المصريين كانت في خطر قبل وبعد المباراة وكانوا تحت تهديد مختلف الأسلحة، السكاكين، السيوف، والمشاعل.

 

تطورت الأمور وخرج الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على شاشة التلفزيون مؤكدًا أنه لن يتغاضى عما حدث، كما علقت وزارة الخارجية المصرية بأن الحكومة لن تتسامح مع تلك الانتهاكات، في الأسبوع التالي تم عقد جلسة بين دبلوماسيين من أجل إيجاد حل للأزمة التي حدثت بسبب المشجعين.

 

أزمة الجزائر و العراق

الأزمة السياسية بين الجزائر و العراق في ديسمبر 2018، ترجع إلى الدقيقة الـ70 من عمر مباراة الإياب بين فريق "القوة الجوية العراقي"، ومنافسه "اتحاد العاصمة الجزائري"، ضمن مباريات الدور الـ 32 لبطولة الأندية العربية، بعدما قامت الجماهير الجزائرية بترديد شعارات طائفية (الله أكبر صدام حسين) ضد الجماهير العراقية.

 

 أعلن بعدها الحكم فوز اتحاد العاصمة الجزائري بعد انسحاب الفريق العراقي، وأظهر البث الحي للمباراة قيام بعض أنصار الفريق الجزائري بإلقاء الألعاب النارية على أرضية الملعب، عقب توقف المباراة وانسحاب اللاعبين العراقيين إلى غرفة تبديل الملابس.

 

بينما طالب عدد من المشجعين العراقيين بتنظيم تظاهرة أمام السفارة الجزائرية بالعراق، في حين توجه السفير العراقي للاعبين من أجل إقناعهم للعدول عن قرارهم بالانسحاب، ولكن باءت المحاولة بالفشل و استدعت الخارجية العراقية، السفير الجزائري  في اليوم التالي للتباحث بشأن أحداث المباراة.

 

وأصدرت الخارجية العراقية بيان  أعربت فيه عن استنكارها لتصرف الجماهير الجزائرية خلال المباراة ، مؤكدة أن هذا السلوك أساء بدوره للعلاقات الأخوية بين الجانبين، فيما أبلغت الخارجية السفير الجزائري باستياء العراق حكومة وشعب من هذا التصرف، بينما شدد بيان الخارجية على حماية العراقيين من أي تصرف يمكن أن يلحق بهم الأذى  جسديًا ومعنويًا.

 

أوزيل وأردوغان

صورة شهيرة تجمع اللاعبين الألمانيين سعود أوزيل وإلكاي جوندوجان، برفقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أثارت غضب الجماهير الألمانية رغم  أن أوزيل لاعب أرسنال الإنجليزي وجوندوجان نجم وسط مانشستر سيتي، لهما أصول تركية، إلا أن بعض الجماهير الألمانية طالبت باستبعادهما من تمثيل  ألمانيا في بطولة كأس العالم الأخيرة.

 

وصفت بعض الجماهير أوزيل بـ"الخائن"، كما حملته مسئولية خروج المنتخب الألماني من منافسات المونديال الأخيرة، حتى انتهى الأمر باعتزال أوزيل اللعب الدولي.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان