مساعي جديدة تخوضها وزارة الأوقاف من أجل مواجهة التطرف والجماعات الإرهابية، لاسيما بعد واقعة مقتل إمام مسجد بحي الهرم، إذ تتجه الوزارة إلى مواصلة غلق الزاويا المخالفة، واقتصار صلاة الجمعة على المساجد فقط.
وتقود وزارة الأوقاف منذ 2013 ثورة تغيير شملت العديد من القرارات لإحكام سيطرتها على المساجد، بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين، وذلك من أجل مواجهة الفكر المتطرف الذي قد يُبث عبر المنابر غير الخاضغة لسيطرة الأوقاف، ولنشر المفاهيم الدينية الصحيحة.
مواصلة "ثورة 5 سنوات"
ومن جانبه أكد الشيخ جابر طايع، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، أن الوزارة ستغلق الزوايا المخالفة دون توقف، وصلاة الجمعة يجب أن تكون في المسجد، لافتا إلى أن "ثورة التغيير في وزارة الأوقاف بدأت منذ 5 سنوات، ولم نصل إلى الكمال بعد".
وأضاف "طايع"، في مداخلة هاتفية لبرنامج "رأي عام"، مع عمرو عبد الحميد على قناة "TeN"، أن الوزارة أغلقت 20 ألف زاوية في صلاة الجمعة، مضيفًا: "لا يصح أن تكون زاوية مساحتها أقل من 80 مترًا، ونحن نسعى لإقامة صلاة الجمعة في المسجد الجامع فقط".
ويأتي ذلك بعد واقعة مقتل إمام مسجد بالهرم، أثناء ركوعه في صلاة الجمعة، والتي وصفها المتحدث باسم الأوقاف بأنها مؤلمة جدًا لجميع المصريين، خاصة أن القتل تم في بيت الله، ولشخص يقيم شعائر الله، والمسجد يعتبر واحة للأمن والأمان".
ترحيب بـ"ثورة التغيير"
ولقت مساعي الأوقاف تأييدا من قبل نواب ورجال دين، فمن جانبه قال اللواء شكري الجندي، عضو لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، إن اللجنة تقف بجانب وزارة الأوقاف لغلق بعض الزوايا العشوائية في بعض المناطق السكنية.
وأرجع الجندي، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «رأي عام» مع عمرو عبدالحميد على قناة «TeN»، كثرة الزوايا إلى زيادة عدد السكان والتوسع في إنشاء الأبراج السكنية.
وأشار إلى أن الأوقاف تبذل جهدًا كبيرًا في إخضاع الزوايا لسلطتها، واللجنة تقف بجوار الوزارة في هذا الشأن، مشيدا بما وصفه بـ"ثورة التغيير" التي تشهدها الأوقاف والأزهر الشريف.
في السياق نفسه أعرب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، تأييده لقرار وزارة الأوقاف بغلق الزوايا في صلاة الجمعة، قائلًا:"لو كان الأمر من شأني لأغلقت جميع الزوايا بكافة الصلوات وليس صلاة الجمعة فق، وذلك لأنه لا يوجد أساس فقهي لوجودها أو الصلاة بها".
وأضاف كريمة، في تصريحات صحفية، أن صلاة الجمعة لا تكون إلا في المسجد الذي يجمع عدد لا بأس به من الناس، محذرا من أن هذه الزوايا تستقطب بعض الأشخاص ذوات العقول الغير سليمة والإيمان الضعيف للانضمام إلى الأفكار والجماعات المتطرفة.
غلق 20 ألف زاوية
ومنذ تولي الدكتور محمد مختار جمعة حقيبة وزارة الأوقاف شن ثورة تغيير في الوزارة، كان من ضمنها إغلاق الزاوية والمساجد الصغيرة، منعا لبث الأفكار المتطرفة خلال هذه الزواية.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الأوقاف جابر طايع، فإن الأوقاف أغلت 20 ألف زاوية ومسجد صغير منذ تولي الدكتور مختار جمعة، لكونها أوكارا للمتطرفين، وذلك خلال تصريح تلفزيوني يعود إلى مارس 2018.
وأكد المتحدث باسم وزارة الأوقاف، أن جميع المساجد خاضعة لسيطرة الأوقاف والوزير ألغى مصطلح الزوايا و«المساجد الأهلية» وأصبحت جميع المساجد خاضعة لوزارة الأوقاف، مضيفا أن وزارة الأوقاف تضع شروطا وضوابط محددة للأئمة قبل اعتلاء المنابر.
وبلغ عدد الزوایا التي أُغلقت في مصر حتى عام 2017-2018 نحو 32 ألف زاوية، :"الشرقية- 4644 زاوية، الجيزة- 3534 زاوية، القاهرة- 3227 زاوية، الإسكندرية- 3114 زاوية، الدقهلية- 2433 زاوية،
شمال سيناء- 14 زاوية، مرسى مطروح- 35 زاوية، البحر الأحمر- 59 زاوية، الوادى الجديد- 67 زاوية،جنوب سيناء- 76 زاوية".
تشريع لمواجهة "التطرف"
وفي السياق نفسه قدم النائب همام العادلى، رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان،
مقترحاً بمشروع قانون إلى اللجنة، لحماية الزوايا، سواء الجديدة، أو التى لم يتم ضمها حتى الآن، من التطرف والأفكار المتشددة، بعد تزايد الشكاوى والحوادث بسببها.
وأضاف العادلي، في تصريحات صحفية، أنه بصدد تقديم اقتراح لعمل تشريع جديد لنقل ملكية الزوايا، وضم ملكيتها إلى وزارة الأوقاف، حتى تخضع كل الزوايا لمسئولية ومرجعية الوزارة.
وأوضح أن هدف القانون الجديد هو حماية كل الزوايا والمساجد من المتطرفين، وأصحاب الفكر المتشدّد، الذين يتسللون إليها، وضمان عدم التهرّب من دفع فواتير الكهرباء والمياه.
ولفت إلى أن أصحاب الفكر المتطرف يستقطبون المتردّدين على الزوايا من الشباب، خاصة فى القرى، وهو ما يستوجب إغلاق الباب أمام الفكر التكفيرى والشيطانى، وتكثيف الفكر الوسطى ونشر أفكار التسامح والتعايش التى يقوم عليها الإسلام.
وتابع: "وزارة الأوقاف لديها خطة وقرارات وزارية بالضم، لكن التشريع يقضى على عشوائية الترخيص، ويقنن الأمر، بدلاً من تركه للنزاع بين سلطة المحليات، ممثلة فى المحافظين، والأوقاف ممثلة فى مديرياتها".
ومنذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، وعكفت وزارة الأوقاف على استعادة سيطرتها على المساجد ولاسيما الزاويا، التي رأت أن جماعة الإخوان كانت تسيطر عليها وتبث من خلالها أفكارها في عقول الناس وخاصة الشباب.
استعادة السيطرة..كفاية "زاويا"
بعد اندلاع ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، عملت وزارة الأوقاف على استعادة سيطرتها على المساجد الصغيرة والزوايا التى انقض عليها الإخوان وخصوصا فى الأعياد لبث أفكارهم المسمومة فى عقول الناس وخصوصا الشباب.
وفي يناير 2019 قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الوزارة تنفذ أكبر مشروع لعمارة المساجد، وسيتم افتتاح 200 مسجد قريبًا و200 مسجد أخرى قيد الإنشاء، بالإضافة إلى إحلال وتجديد مئات المساجد الأخرى.
وأضاف جمعة، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "على مسؤوليتي"، المُذاع عبر فضائية "صدى البلد"، أن الوزارة تسعى لوضع نموذج وواجهات موحدة لبناء المساجد، حفاظًا على المظهر الحضاري، متابعًا: "كفاية بقى الزوايا، وكل واحد يعمل أوضة تحت بيته عشان يعيِّن فيها عياله.. لو حد عايز يبني يبني لربنا وفي المكان اللي إحنا عايزينه، والتعيين يكون بمسابقة".
تفريغ الإرهابيين
وفي فبراير 2019 قال الدكتور جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن الزوايا غير المرخصة التي تقام فيها الصلوات في العديد من مناطق الجمهورية، كانت ولا تزال، وسيلة لتفريخ الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن الوزارة تسعى لملاحقة هذه الزوايا بأئمتها الوسطيين المعتدلين.
وأوضح في مداخلة هاتفية مع الدكتور محمد الباز، ببرنامج «90 دقيقة»، المُذاع على فضائية «المحور»، أن بعض هذه الزوايا في أصلها فيلات وجراجات ومساحات فارغة يتم تحويلها إلى زوايا للصلاة، لافتًا إلى أن التقسيم العمراني لاي منطقة أو مدينة راعي بشكل كبير وجود مساجد جامعة كبيرة في كل منطقة.
ثورة التغيير
ولم یكن قرار غلق المساجد الزوایا إلا واحدا من عدة قرارات اتخذتها الأوقاف لحماية المساجد من الأفكار المتطرفة التي قد تُبث عبر المنابر التي كانت خارج سيطرة الوزارة.
وبدأت الوزارة فى وقت مبكر منذ 30 يونيو 2013، للسيطرة على الخطاب الدعوى، وإبعاد المساجد عن المعارك السياسية والاجتماعية بعدة قرارات، ثم تحولت إلى مقاومة الفكر المتطرف عبر ضم جميع المساجد بالجمهورية إلى وزارة الأوقاف، ومواجهة البناء العشوائى للزوايا، وإغلاق الزاوية فى الجمع والأعياد، ومنع الدروس والاعتكاف بالمساجد، دونما تصاريح مخصوصة، وقامت بإحلال وتجديد آلاف المساجد.
وكانت وزارة الأوقاف قد قررت منذ ثلاث سنوات منع إقامة صلاة الجمعة فى الزوايا التى تقل مساحتها عن 80 متراً، والتى يبلغ عددها 20 ألف زاوية، وكذلك منع إقامة صلاة العيد بالزوايا، وقصرها على الساحات المقرّرة بالخلاء والمساجد الجامعة التى حدّدتها، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أى مخالفة.
كما أصدرت وزارة الأوقاف قراراً خلال العام الحالى بمنع بناء زوايا جديدة والتركيز على المسجد الجامع، باعتبارها الشكل الحضارى اللائق بالدين الإسلامى الحنيف، إذ طالب وزير الأوقاف جميع المحافظين فى خطابات رسمية بعدم السماح بفتح أى زوايا أسفل العمارات، أو بينها، أو بأى طريق من الطرق، حتى لا تعود عشوائية فتح الزوايا أو توظيفها لأغراض لا تتّفق ونشر الخطاب الدينى الوسطى الرشيد.
وشلمت خطة الأوقاف للتغيير، قصر الدروس الدينية على المساجد الكبرى دون الزوايا، وكذلك لقاءات لتحفيظ القرآن الكريم، وتكثيف الدروس الدينية، لترسيخ القيم الأخلاقية الإسلامية، وواعظات لتلك المساجد، ومراكز علمية وتثقيفة.
وتضمن خطة الأوقاف ضم جميع المساجد على مستوى الجمهورية، وتجديد 2000 مسجد وتجديد وصيانة 600 مسجدا العام الحالى.
وفى عام 2014 جاء قرار وزير الأوقاف بالخطبة الموحدة، ومنح الضبطية القضائية لمفتشى الأوقاف، وذلك ضمن خطته لمواجهة التطرف.