شنت عدة مواقع إخبارية وقنوات فضائية مصرية، خلال الساعات الماضية هجوما عنيفا على قناة "بي بي سي" البريطانية، بدعوى تعمد إهانة الشعب المصري ودعم جماعة الإخوان المسلمين التى وضعتها الحكومة المصرية على قوائم الإهارب، وذلك على خلفية استضافة القناة لشخص يدعى ياسر العمدة.
فى المقابل لم يصدر عن قناة "بي بي سي" أي بيان رسمي ترد فيه على هذا الهجوم وتوضح موقفها.
ووصف موقع "بوابة الأهرام" الإخباري التابع لصيحفة الأهرام القومية، اللقاء التليفزيوني لياسر العمدة مع بي بي سي بأنه سقطة إعلامية كبيرة وقعت فيها هيئة الإذاعة البريطانية، بما يخالف أبسط قواعد المهنية بمنحه فرصة لبث سمومه وأفكاره المتطرفة أمام المشاهدين، رغم أن جرائمه معلنة وصادر ضده أحكام قضائية، وأوضح الموقع أن المصريين على مواقع السوشيال ميديا ردوا على هذه المقابلة بعاصفة كبيرة من الهجوم عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لبي بي سي.
ونشرت بوابة الأهرام الصحيفة الجنائية لياسر العمدة، موضحة أنه واحد ممن أدرجتهم محكمة جنايات القاهرة، ضمن 187 آخرين على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات، وهو ضيف دائم علي قنوات الجماعة الإرهابية التي تبث من تركيا منذ هروبه عقب ثورة 30 يونيو، وهو صاحب اختراع قنبلة "المبروكة" بهدف ترويع المصريين وهي عبارة عن كتلة أسمنتية ملصق بها مسامير يتم إلقاؤها بهدف إصابتهم في عيونهم ووجوههم وأجسادهم، وكذلك رجال الشرطة، وإلقائها أمام السيارات لتفريغ إطاراتها وإرباك حركة المرور وشل الطرق الرئيسيّة وإثارة الفوضى، كما أن أسرته أعلنت تبرؤها منه بسبب هجومه المتكرر علي مؤسسات الدولة والتحريض ضد رجال الجيش والشرطة، وأوصي والده بعدم دفنه بمدافن الأسرة.
لم تقتصر الحملة الإعلامية ضد "بي بي سي" على المواقع الإخبارية الحكومية، بل نشرت مواقع خاصة كاليوم السابع، عدة موضوعات صحفية تهاجم هيئة الإذاعة البريطانية، كما نقل عن جمال شوقى رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قوله بأن اللجنة ستعقد اجتماعا لها الأسبوع القادم لمناقشة الشكوى المقدمة ضد قناة BBC البريطانية لقيامها بتوجيه إهانات للشعب المصرى بأكمله بألفاظ وعبارات لا تليق.
وذكر شوقى فى تصريحاته، أن لجنة الشكاوى تلقت شكوى بالإهانات التى وجهتها BBC الى الشعب المصرى وأن اللجنة عقدت 3 اجتماعات ناقشت خلالها الحلقة المذكورة، كما قرأت تفريغا تضمن النص الحرفى للحلقة وأنها حددت الإهانات، مشيرا إلى أنه تبين أنها حوت ألفاظا وعبارات واضحة وصريحة لا تقبل التأويل وأنها تمثل اهانات مباشرة لجموع الشعب المصرى، إهانات مسيئة ومشينة وتعتبر سقطة تاريخية لوسيلة إعلامية .
وأشار جمال شوقى إلى أن اللجنة لاحظت أن عدد ملحوظا من برامج bbc التى تتناول الشأن المصرى تحرص على مخالفة المعايير العالمية ومخالفة معايير القناة، حيث تعمد البرامج الحوارية على الانحياز ضد الشأن المصرى كما تحرص على وضع بيانات ومعلومات غير صحيحة وبشكل تكرر كثيرا وبصورة ملحوظة.
فيما نشر موقع "صدى البلد" تقريرا، أشار فيه إلى أن صفحة قناة الـ بى بى سى على موقع التواصل الاجتماعى تويتر تحولت إلى صفحة داعمة للرئيس السيسى بعد قيامها بالهجوم على مصر واستضافة إرهابي هارب بتركيا يحرض ضد مصر ومؤسسات الدولة ورجال القوات المسلحة والشرطة وقيام القناة بنشر فيديوهات مفبركة نسبتها لمصر مما أدى إلى قيام نشطاء موقع التواصل فى الهجوم على القناة والقائمين عليها لعدم المهنية ومحاولة إثارة البلبلة لكونها لا تعتمد على المصادر الرسمية.
وأشار الموقع إلى أن النشطاء اتهموا القناة بتزييف الحقائق وتبنى وجهة النظر الإخوانية وضربت بكل المعايير الإعلامية عرض الحائط ووقعت في فخ عدم المهنية والتحيز وعدم الاعتماد على المصادر الرسمية.
وهاجم الإعلامي أحمد موسي، هيئة الإذاعة البريطانية، عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، وقال خلال برنامجه "على مسئوليتي"، المذاع على قناة "صدى البلد"، :" قناة بي بي سي تترك ما يحدث في العالم من قضايا مشتعلة ويتحدثون فقط عن مصر، ولا تتحدث بكلمة حق عن مصر"، كما اتهم موسى القناة بأنها شريكة فى الجريمة الإرهابية التى وقعت مؤخرا في نيوزيلندا وأسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المسلمين خلال أدائهم شعائر صلاة الجمعة.
وفى السياق ذاته تقدم طارق محمود المحامى بالنقض والدستورية العليا، ببلاغ للمستشار النائب العام، حمل رقم 4009 لسنة 2019 عرائض النائب العام، اتهم فيه قناة BBC العربية ومديرة مكتبها بالقاهرة نجلاء العمرى بإهانة الشعب المصرى والإساءة اليه وسب وقذفه من خلال البرامج التى تقوم ببثها، وذلك بعبارات والفاظ غير لائقة.
وأضاف محمود ان قناة BBC العربية ومن خلال مديرة مكتبها ومراسليها فى مصر تعمدوا إجراء لقاءات مع بعض الاشخاص المعروف عنهم بعدائهم الشديد للدولة المصرية ومؤسساتها ، كما تعمدت القناة نشر اخبار كاذبة عن الدولة المصرية ، بغرض إثارة الفوضى وتكدير الامن والسلم الاجتماعيين .
وأشار مقدم البلاغ إلى أن القناة تمارس سياسة تحريضية عدائية ضد الدولة، وذلك بإتفاق مع التنظيم الدولى للاخوان، واتهم مقدم البلاغ، "بي بي سي"، بأنها تتلقى تمويلات دورية من التنظيم الدولى والمخابرات القطرية لتنفيذ مخططها العدائي ضد مصر، مطالبا بإلحة مديرة مكتب ومراسلين القناة إلى محاكمة جنائية عاجلة.
لم يكن هذا هو الهجوم الأول الذى تتعرض له قناة "بي بي سي"، ففى فبراير 2018 ، شن الإعلام المصري هجوما على القناة عقب بثها فيلمًا وثائقيا عن حقوق الإنسان تحدثت فيه عن قضية الاختفاء القسري، حيث تضمن الفيلم شهادة لسيدة قالت إن ابنتها، وتدعى "زبيدة"، مختفية قسريا داخل مصر.
لكن الفتاة ظهرت في برنامج الإعلامي المصري عمرو أديب، لتنفي رواية والدتها، وتقول إنها تزوجت بعيدا عن أمها، لوجود مشاكل شخصية بينهما.
وقالت هيئة الاستعلامات المصرية، في بيان لها، إنها تدعو "جميع المسؤولين ومن يرغب من قطاعات النخبة المصرية لمقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، والامتناع عن إجراء مقابلات أو لقاءات إعلامية مع مراسليها ومحرريها"، واشترطت لإنهاء المقاطعة أن يكون ذلك عبر "الاعتذار الرسمي، ونشر رد الهيئة على ما ورد".
تلاه قرار رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، حسين زين، بتعليق أي تعاون إعلامي مع "بي بي سي" حتى إشعار آخر "يشمل كافة أنواع التعاون الإعلامى من بروتوكولات واتفاقيات".
وفى مارس 2018 أصدرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، بيانا رسميا توضح فيها موقفها وقالت إنها ستناقش مع السلطات المصرية، شكوى بشأن فيلم وثائقي بثته سابقا وتناول أوضاع حقوق الإنسان في عهد النظام الحالي.
وقالت الهيئة، على موقعها بالإنترنت، إنها "تساند مصداقية العمل الصحفي لفرقها، وستناقش الشكوى بشأن الوثائقي مع السلطات المصرية في الأيام المقبلة".