في تطور جديد بشأن الجدال الدائر حول "التعديلات الدستورية" أعلن عدد من القوى المدنية والسياسية، الرافضة للتعديل، اليوم الثلاثاء، إطلاق "اتحاد الدفاع عن الدستور"، في مقابل حملات أخرى مؤيدة للتعديل.
يأتي ذلك بعد يومين من إعلان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، تسلمه طلب من خمس أعضاء البرلمان لتعديل بعض مواد الدستور.
وردا على بدء الإجراءات التنظيمية لإدخال بعض التعديلات على الدستور عقدت بعض القوى المدنية والسياسية اجتماعا أمس الأثنين، بمقر حزب المحافظين، ضم ممثلي و رؤساء ١١ من الاحزاب السياسية المدنية و عدد من الشخصيات العامة و أعضاء البرلمان و أكاديميين و ممثلي المجتمع المدني بمقر حزب المحافظين.
قرارارت المعارضين
وتداول المجتمعون موقف القوى السياسية الديموقراطية و المدنية في مصر، مما وصفوه بـ"جريمة العبث" بدستور البلاد، و محاولة نسف أساس التوازن المجتمعي الحالي، و قطع الطريق على المضي نحو بناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة، التي أساسها التداول السلمي للسلطة و الفصل بين السلطات و احترام الدستور و القانون.
وشارك فى الاجتماع أحزاب:" التحالف الشعبى الاشتراكى وتيار الكرامة والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والدستور والإصلاح والتننمية ومصر الحرية والاشتراكى والوفاق والمحافظين".
كما شارك عدد من الشخصيات العامة بينهم :"الدكتور عبدد الجليل مصطفى، وجورج إسحاق، أحمد البرعى، مجدى عبد الحميد ، والنائب محمد عبد العليم داوود، وطلعت خليل، ومهندس سمير عليش"، وآخرين من الشخصيات العامة والسياسية.
واتخذت القوى السياسية والمدنية والشخصيات العامة المجتمعة عدة قرارات، على رأسها إعلان تأسيسي "اتحاد الدفاع عن الدستور"، كإطار شعبي ديموقراطي مفتوح يتصدى لمهمة حماية الدستور و الدفاع عنه بكافة الطرق الديموقراطية السلمية.
كما قرر المجتمعون، بحسب بيان صادر اليوم الثلاثاء، عن الحركة المدنية الديمقراطية، اختيار لجنة من المجتمعين تقوم بالأعمال التحضيرية، و تسيير أعمال الإطار الجديد، ووضع تصور لخطة مواجهة محاولات تدمير الدستور الحالي.
وجاء في البيان أن الحركة المدنية الديموقراطية بكافة عناصرها و مكوناتها ترحب بتلك الخطوة و تدعمها بكل قوتها، وترى أن "الاتحاد من أجل الدفاع عن الدستور" على اتساعه، هو الإطار الأوسع و الأجدر بتلك المهمة القومية الكبيرة".
كيفية الدفاع
وتوضيحا لدور "اتحاد الدفاع عن الدستور" وتحركاته الفترة القادمة قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إنه سيكون هناك عدة مسارات هدفها الرئيسي التنبيه لما وصفه بـ"مخاطر العبث بالدستور".
وأضاف الزاهد لـ"مصر العربية"، أن الشق الأول يتمثل في محور الإعلام والتوضيح وشرح مخاطر تعديل الدستور، مشددا أن هذا الجانب شاق وشديد الصعوبة نظرا لما وصفه بـ"التعتيم" وحجب المواقع الإخبارية، وفرض خطوط حمراء ليس فقط على الجرائد الحكومية ولكن الخاصة منها أيضا.
أما المسار الثاني، بحسب الزاهد، فيتمثل في الشق القانوني، وبحث إمكانية رفع دعاوى قضائية، وغيرها من الأمور المتعلقة بدستورية التعديل، وهو ما يحتاج بحث ودراسة كافية حتى تكون الخطوات سليمة
واستطرد أن هناك مسار آخر وهو يتعلق بالجانب التوعوي والتثقيف، وهو مرتبط بالندوات في الأحزاب والمنظمات المعنية التي تتبنى نفس الموقف، وآخر يتعلق بالآتصال بالقوى الأخرى مثل النقابات ونوادي القضاة.
ونوه إلى أنه هناك مسار آخر يتمثل في حملة لجمع توقيعات، وذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أنه سيكون هناك اجتماع آخر، يوم الخميس المقبل، للجنة السكرتارية والتي دورها بلورة هذه التوجهات إلى تفاصيل دقيقة.
مشاركة أم مقاطعة؟
وأشار الزاهد إلى أن القوى السياسية والشخصيات العامة والنواب، الذين اجتمعوا بالأمس في حزب المحافظين، رفضوا بالإجماع المساس بالدستور لتأبيد حكم الفرد المطلق، وتبعية كل المؤسسات للحاكم الممتدة ولايته إلى ما شاء الله.
وأضاف الزاهد، أن التعديلات الدستورية المطروحة تؤدي إلى تبعية القضاء وإهدار توازن السلطات، امتدادا لمصادرة المجال العام والعصف بالحريات.
ولفت القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، إلى أن الاجتماع لم يقرر أمر المشاركة في الاستفتاء أو مقاطعته، لأنهم اعتبروا الأمر كله غير دستورى من حيث المبدأ وتركوا هذه القضايا للتفاعلات اللاحقة.
وأشار إلى أن الاجتماع بحث فاعليات مواجهة هذا العدوان، بما فى ذلك المسار القانونى والتسيق مع كل القوى المعارضة لبناء كتلة ديمقراطية شعبية لحماية الدستور.
وفي المقابل انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بـ"لا" وعدم المقاطعة، وأبرز ممن تبنوا هذه الحملة النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30، والفقيه الدستوري نور فرحات.
وقال الفقيه الدستوري نور فرحات، الذي أعلن توقيعه لبيانات رفض تعديل الدستور، إن المقاطعة هي إقرار بتمرير ما وصفه بـ"التعديلات الاستبدادية"للدستور.
وأضاف فرحات:"مصر اليوم في مفترق الطرق.كلمة الشعب في الصناديق تصنع المستقبل. المشاركة والرفض واجب وطني ، وإلا فالصمت إلي الأبد".
التوعية بـ"التعديل"
وفي المقابل هناك حملات أخرى من قبل مؤيدي تعديل الدستور، من ذلك ما أعلنه النائب عبد السلام الشيخ، عضو مجلس النواب، رئيس لجنة حزب الوفد بمحافظة قنا، عن تدشين أول حملة لتوعية الشعب بالتعديلات الدستورية وضرورتها وقانونية التعديلات وآثارها الإيجابية على الشعب المصري.
وقال "الشيخ"، في بيان صحفي، إن الحملة تتضمن شقين، الأول التوعية بقانونية التعديلات ومطابقتها للمواد الدستورية، وضرورتها للبلاد، وإجراءات التعديلات القانونية، والشق الثاني، توعية المواطنين بضرورة المشاركة في تلك التعديلات التي تمثل حالة ديمقراطية يقرر فيها الشعب، في حال الموافقة عليها في الجلسة العامة للدستور، وإجراء استفتاء شعبي.
وأوضح النائب أن الحملة ستبدأ في قنا، لتوعية أهالي دائرته بأهمية تلك التعديلات، لتتجاوزها بعد ذلك في جميع المحافظات، لتكون نواة لحملة كبيرة تهدف إلى صالح الوطن، كاشفًا عن تفاصيل تلك الحملة، ومنها: فتح مقرات النائب بالمحافظة، والمشاركة في فاعليات شعبية، وتأهيل الشباب وتعريفهم بأهمية تلك التعديلات، إضافة لحملة موازية على مواقع السوشيال ميديا لدعم تلك التعديلات والرد على ما يثار من شبهات حولها.
وتابع: "كما تتضمن الحملة توفير مواد توعوية قانونية ودستورية لأهالي محافظة قنا، ولباقي المحافظات، إضافة للسادة نواب مجلس الشعب، لكل تشمل تلك الحملة جميع محافظات مصر"، مؤكدا أن التعديلات المقترحة للدستور تهدف لصالح الوطن والمواطن، وتمثل ترجمةحقيقية لوعي الشعب السياسي والوطني، لا سيما وأنها تسير وفق مسار قانوني ودستوري تحكمه آليات الديمقراطية التي ستضع تلك التعديلات في استفتاء ليقول الشعب كلمته.
وفقا للدستور
وكان الدكتور عبد الهادي القصبي رئيس ائتلاف دعم مصر أكد أن نواب المجلس استخدموا حقهم الدستوري في تقديم طلب بتعديل الدستور وفقا لنص المادة ٢٢٦.
وتنص على: "لرئيس الجمهورية أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل".
وتضيف المادة: "وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه. وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي".
و"إذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال 30 يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء".
وقال الدكتور عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية، رئيس ائتلاف دعم مصر، إن الشعب المصري، هو من يملك حق التعديل على الدستور، وصاحب السيادة عليه، وما يقوم به أعضاء المجلس ما هو إلا تقديم مقترحات من خلال حقوقهم الدستورية التي نص عليها الدستور قائلا: "الشعب هو من يملك تعديل الدستور وصاحب السيادة عليه".
ولفت رئيس ائتلاف دعم مصر، إلى أنه بعد مناقشات ودراسات لمدة طويلة بشأن رؤى وأفكار تعديل الدستور، وجدنا ضرورة لتفعيل الحياة السياسية وإعطاء فرصة أكثر للقوي السياسية للمشاركة الفعالة بالمشهد السياسي والعمل العام، ومن ثم رؤي إضافة غرفة نيابية جديدة تحت مسمي مجلس الشيوخ.
وأكد القصبي على أن المناقشات والدراسات رأت أيضا ضرورة أن يتم تمثيل كل فئات المجتمع في المجالس النيابية، ومن ثم كان التوجه نحو الحفاظ على تمثيل كل أطياف المجتمع، وتم الاقتراح بـ25% للمرأة من المجالس النيابية، مع الحفاظ على تمثيل مناسب للأقباط والشباب وذوي الإعاقة.
وأكد زعيم الأغلبية على أنه إذا وافق المجلس على تقرير اللجنة التشريعية والدستورية بشأن المقترح سيكون عبر النداء بالاسم، ومن ثم يقوم رئيس المجلس بإحالة الأمر لرئيس الجمهورية لدعوة الشعب المصري للاستفتاء على هذه المواد قائلا: "الشعب من يملك التعديل وصاحب السيادة، ونحن نقوم بعمل مقترح فقط وفق حقنا الدستوري".