رئيس التحرير: عادل صبري 01:06 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

عمال أسمنت سيناء.. «منسيون» على هامش العملية الشاملة

عمال أسمنت سيناء.. «منسيون» على هامش العملية الشاملة

سارة نور 27 فبراير 2018 11:13

«قسمًا بالله الوضع وحش جدًا مش عارف أكلم عيالي مفيش في العريش أكل عاوز أروح أفضل جنبهم في الأوقات دي أنا مش عارف هم بياكلوا منين ولا بيعاملوا ايه»..

 

لم يكن يتخيل «محمد» أن عودته إلى منزله في العريش ستصبح إحدى أعظم أمنياته منذ بدء العملية الشاملة التي أعلنت عنها القوات المسلحة في فجر 9 فبراير الجاري.

 

«نفسي أروح لأولادي واطمن عليهم».. هكذا يعبر الشاب الثلاثيني بنبرة ملهوف عن قلقه البالغ على أسرته الصغيرة.

 

«محمد» عالق مع نحو 150 عاملًا بمصنع أسمنت سيناء الذي يعملون فيه منذ نحو 30 يومًا، ولا يستطيعون العودة إلى منازلهم في العريش ومدن القناة والقاهرة والدلتا بسبب انقطاع وسائل المواصلات منذ بدء العملية سيناء 2018.

 

يتطلع الشاب الثلاثيني -أب لطفلين- إلى شاشة هاتفه المحمول بترقب، ينتظر كل لحظة عودة شبكات الاتصالات التي تأتي على مضض، بين الحين والآخر عله يحظى بمكالمة تطمئنه على أبنائه.

 

يقول محمد عبر اتصال هاتفي لـ«مصر العربية» إنه وزملاؤه عالقون منذ فترات تتراوح بين 20 و30 يومًا في المصنع، والمسؤولين أخبروهم أنهم لن يستطيعوا العودة إلى منازلهم حينها بسبب العمليات التي تستهدف الإرهابيين خوفًا عليهم من تعرُّضهم للقصف.

 

بينما تتعرض شبكة هاتفه للتشويش أثناء حديثه مع «مصر العربية»، يحاول محمد جاهدًا أن يصل صوته قائلًا إنّ العمل متوقف من المصنع، ولم تستطع الإدارة تسليم طلبيات التي كانت ملتزمة بتسلميها الشهر الجاري إلى بلجيكا.

 

لا يجد محمد وزملاؤه صعوبة في الحصول على الوجبات الغذائية، حيث توفرها إدارة المصنع، لكنه يستطرد: إن شبكات المحمول مقطوعة في أغلب الأوقات ولا يستطيعون الاطمئنان على ذويهم.


 

يشير محمد إلى أنَّ العديد من زملائه يعانون ظروف إنسانية صعبة؛ حيث توفي والد أحدهم بعدما كانت أمنيته الأخيرة أن يرى ابنه العالق في المصنع، بينما آخر تعرض لمرض شديد وحاول زملاؤه نقله للمستشفى بعد اتصالات مع نواب سيناء، لكن المستشفى القريبة من المصنع لم تكن مجهزة لمثل حالته.

 

محمد يوضّح أن تواصل المسؤولين مع العاملين في المصنع لم يكن على المستوى المطلوب باستثناء أحد نواب سيناءالذي وعدهم بحل الوضع في أقرب وقت، غير أنه يقول بنبرات يشوبها اليأس: (كل يوم يقول النهاردة، بكرة، بعده هتروحوا لكن مفيش حاجة حتى الآن).

 

يتخوف محمد وزملاؤه بعدما سارت شائعات في المصنع لا أحد يدري مدى صحتها أن عددًا من الحافلات ستصل المصنع، اليوم الثلاثاء، لكنها ستقل من يسكنون القاهرة والدلتا والإسماعيلية، بينما سيظل قاطنو العريش عالقين في المصنع إلى أن تنتهي عمليات الجيش ضد الإرهاب.

 

وبحسب محمد فإنَّ سكان العريش من العاملين العالقين في مصنع أسمنت سيناء يبلغ نحو 77عاملًا. «هل فيه أمل، هل العملية هتطول، هنقعد فترة طويلة، مفيش وقت معين» .. تتردّد هذه الأسئلة في أروقة المصنع، بما يشي بوجود معركة أخرى تدور رحاها في أذهان العالقين هناك.

 

يشارك «طارق» زميله محمد المخاوف ذاتها، قائلا: «النفسية تحت الصفر، الناس نفسها تروح ، ماحدش لاقي ياكل في العريش لما يبقى فيه راجل في البيت وسط عياله المعنويات بتبقى حاجة تانية».

 

«طارق» العالق في المصنع منذ نحو شهر أب لأربعة تترواح أعمارهم ببن عامين و 13عامًا، وزوجته متوفية، بينما ترعى والدته أبناءه الصغار ، غير أنَّه لا يستطيع الاطمئنان عليهم أو قضاء حوائجهم في ظل الأحداث الراهنة.

 

يستطرد في حديثه لـ«مصر العربية» عبر اتصال هاتفي: «والدتي كبيرة في السنّ متقدرش تنزل تدور على أكل و شرب للعيال والناس مش لاقية تأكل دلوقتي في العريش فيه صعوبة في الحصول على الأكل و الشرب».

 

يعيش العالقون في المصنع على آمل احتضان أبنائهم و عائلاتهم في وقتٍ قريب لكنهم يتخوفون من التسويف في حل مشاكلهم حيث يقول طارق: «كل يومين كأنهم بيدونا حقن بنج علشان تهدأ و تقدر ترجع تكمل تاني».

 

النائب «حسام الرفاعي» أحد نواب سيناء يقول لـ«مصر العربية»: إنَّه وزملاؤه يحاولون إيجاد حلول لنقل العالقين بمصنع أسمنت سيناء من خلال تواصلهم مع المسؤولين والعاملين بالمصنع.

 

لكن بحسب الرفاعي لم تسفر هذه الجهود حتى كتابة التقرير عن شيء لكنه يقول إنَّ العاملين سيخرجون قريبًا من المصنع، وكان الفريق «محمد فريد حجازي» طلب أمس الاثنين مد أجل العملية الشاملة «سيناء 2018» التي أعلنها الجيش المصري منذ 9 فبراير الجاري، رغم أنها حققت نجاحات كبيرة حتى الآن. بحسب الفريق حجازي.

 

ويعاني أهالي سيناء منذ بدء العملية الشاملة في 9 فبراير الجاري من ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأسواق ونقصها بشكل حاد وانقطاع شبكات الهواتف الخلوية وتوقف الدراسة والعمل.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان