قبل نحو4 أشهر، بدأ اتحاد نقابات عمال مصر في حملة دعائية لدعم ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية ثانية من خلال توزيع استمارات "عشان تبنيها" لأول مرة أثناء مؤتمر لإحياء ذكرى حرب أكتوبر.
رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يخوض الانتخابات الرئاسية المزمع التصويت عليها في مارس المقبل وحيدا بدون منافس يشكل تهديدا حقيقيا لاحتمالية فوزه التي تتجاوز 99% إلا أن اتحاد العمال زاد من حملاته الدعائية رغم أنه يعاني من أزمة مالية.
11بيان وصلوا للصحافيين على بريدهم الإليكتروني خلال شهر يناير المنصرم من اتحاد العمال لا يحمل جميعهم سوى تأييد الرئيس واحتفاء باستبعاد الفريق سامي عنان من الانتخابات الرئاسية، فضلا عن المؤتمرات الجماهيرية التي عقدها الاتحاد في مقر المؤسسة الاجتماعية بشبرا الخيمة.
يقول الجبالي المراغي رئيس الاتحاد أمام العمال في30يناير المنصرف إن:"عمال مصرالذين حصلوا على العديد من المكاسب والإنجازات حريصون على رد الجميل للرئيس عبد الفتاح السيسى الذى حقق لهم الأمن والاستقرار والرعاية الاجتماعية والصحية المتمثلة فى تحديث منظومة التشريعات العمالية".
محمد وهب الله الأمين العام للاتحاد يبررالمهرجان العمالي الذي أقامه الاتحاد، قائلا:"المهرجان يأتي عرفانا من عمال مصر بما حققته مصر من انجازات خلال السنوات الأربع الماضية فى مختلف مجالات التنمية بفضل السياسة الحكيمة للرئيس السيسى"،مؤكدا أن العمال خلف الرئيس من أجل استكمال مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
خلال العامين الأخيرين، شهد الوسط العمالي تضييقا غير مسبوق على الاحتجاجات و الإضرابات العمالية المطالبة بتحسسين الأحوال المعيشية أو احتجاجا على فصلهم من العمال خاصة في ظل ارتفاع الأسعار نتيجة تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر 2016.
في يونيو2016، مثل 26 عاملا من العاملين بشركة الترسانة البحرية أمام المحكمة العسكرية بتهمة التحريض على الإضراب وظل 13 منهم محتجزين لما يقارب 3 أشهر بعدما طالبوا بمستحقاتهم المالية، ولازالت القضية منظورة أمام المحكمة.
واحتجزت قوات الأمن 6 من العاملين بهيئة النقل العام في سبتمبر 2016 أيضا بتهمة التحريض على الأضراب وأفرجت عن آخر عامل منهم في يناير 2017 بعدما طالبوا بزيادة مستحقاتهم المالية لتناسب حالة الغلاء المتزايدة.
كما تعرض 19 عاملا من شركة إفكو السويس للمحاكمة بالتهمة ذاتها، لكنهم حصلوا على البراءة بعدما فضت قوات الأمن إضرابهم بالقوة في فبراير 2017.
وفي أبريل من العام ذاته احتجزت قوات الأمن 17 من العاملين بالشركة المصرية للاتصالات للأسباب ذاتها وفي سبتمبر 2017 احتجزت قوات الأمن 8 نقابيين على خلفية اجتماعهم أثناء ورشة تدريبية بأحد الفنادق.
طلال شكر القيادي النقابي البارزيقول إن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يؤدي دوره في تأييد السلطات أيا كان توجهها على مر العصور ولم يخرج يوما عن هذا الدور، موضحا أنه أيد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبعده السادات ثم مبارك وكذلك محمد مرسي ثم السيسي.
يقول كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية إن اتحاد العمال يؤدي دوره المنوط به في خدمة السلطان، على حد تعبيره، فالأشخاص الذين أيدوا اشتراكية عبد الناصر هم الذين أيدوا انفتاح السادات ثم مبارك ومرسي والسيسي.
يضيف عباس أن المؤتمر الجماهيري الذي نظمه الاتحاد العام ، حشدت له النقابات العامة عن طريق توصيل العمال والموظفين بأتوبيسات شركات القطاع العام إلى مقر المؤتمر، وصرف أموالا إضافية لهم (50 جنيها)،على حد قوله، الأمر الذي يعتبره عباس غير مقبولا ويحمل شبهة إهدار المال العام.
لكن على الجانب الآخر، تنأى الحركة العمالية المستقلة بنفسها عن المشاركة في الحياة السياسية بأي شكل حتى ولو بإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو مشاركة الأحزاب في الفاعليات العمالية، وكذلك لم تبد رأيا في مسألة الانتخابات الرئاسية رغم أنهم كتلة لا يستهان بها.
إبان قرار تعويم الجنيه، نظمت بعض الأحزاب السياسية والشخصيات العامة، فاعليات مناوئة لهذا القرار، لكن الاتحادات العمالية المستقلة الكبرى لم تشارك حينها، حيث قال سعد شعبان لـ"مصر العربية ":هذه الحملات يتصدرها عدد من الأحزاب السياسية و نحن لسنا مندمجين مع أي منها لأن القرارات تكون مسيسة
يوضح شكر أن الحركة العمالية الجديدة ظلت خلال الفترة الماضية بعيدة عن الأحزاب السياسية والسياسة بوجه عام حتى لا تورط نفسها خاصة في ظل التضييق الأمني على الحركة، وقررت أن تركز على مطالبها الاجتماعية.
ويؤكد أن الحركة تحتاج إلى وقت طويل حتى تتعاون مع الحركة السياسية ويكون لها موقفا سياسيا واضحا، لافتا إلى أن الحركة الجديدة ليس لديها فكرة عن تاريخ الحركة العمالية المصرية التي شاركت في شتى الأحداث السياسية وكان لها موقفا بارزا فيه.
غير أنه يرجع انقطاع الإرث الذي تركته الحركة العمالية المرصية في الثلاثينات و الأربعينيات إلى القيود المفروضة على الحراك وضعف تدريب الكوادر النقابية، لكنه يعول على اللائحة التنفيذية لقانون المنظمات النقابية ربما تحمل مزيدا من حرية الحرك تسمح بإعداد كادر نقابي واعي.
أما كمال عباس يرى أن هناك انفصال بين الحركة السياسية والحركة العمالية، حيث يرى أن الحراك السياسي حاليا هو حراك نخبوي لايعبر عن الشارع.