رئيس التحرير: عادل صبري 08:41 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

في عهد السيسي.. اللهو الخفي يعود في ثوب أهل الشر

في عهد السيسي.. اللهو الخفي يعود في ثوب أهل الشر

أحلام حسنين 06 مايو 2016 14:39

"الطرف الثالث، الطابور الخامس، خلايا نائمة"، قوى ذاع صيتها في أعقاب ثورة 25 يناير، ألبستها الأنظمة المتعاقبة ثوب الخيانة والمؤامرة، حُملت أوزار الجرائم وأحداث التخريب والقتل وحرق المنشآت العامة والخاصة، غير أنها في النهاية قُيدت جميعا ضد مجهول، وحين جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم سار على درب سابقيه وسك مصطلحا جديدا يلوح به إلى المتآمرين عليه وهم "أهل الشر".

 

في كثير من خطاباته، دأب الرئيس على الحديث عن "أهل الشر"، دون أن يُحدد هؤلاء الأشرار الذي يريدون إفشال حكمه ويدفعونه ليُخفي بعض مشروعاته عن العامة حتى لا يتحول الخير إلى شر، فيذهب كل إلى التأويل الذي يترأه في محاولة تفسير من هم "أهل الشر".

 

كان آخرها خلال إطلاقه شارة البدء في حصاد محصول القمح، في الفرافرة، ضمن مشروع المليون ونصف فدان، أمس، حيث قال الرئيس في خطابه: "اوعوا تفتكروا هيتعمل الكلام ده والناس هتسيبنا، لا الناس مش هتسيبنا، كل ما يتعمل إنجازات أكتر أهل الشر هيعملوا مكايد أكتر...، لازم يا مصريين تعرفوا إيه بيتعمل وايه اللي أنا بعمله عشانكم.. أنتوا يا مصريين بس أنا مش برضى أقول على إنجازاتي خوفا من أهل الشر".

 

بعض السياسيين رجّحوا أن يقصد الرئيس كل من يعارضه بـ"أهل الشر"، وآخرون ألقوا بها على القوى الإقليمية والدولية المناوئة للنظام، وفريق ثالث ذهب إلى أنها مصطلح غامض كغيره من المصطلحات التي تناثرت بعد الثورة يسوقها الحكام ليخفض لهم جناح المحكومين تحت الرهبة من المؤامرة.

 

عادة الأنظمة

 

 

 

تكرار استخدام مصطلح "أهل الشر" بهذا الشكل الغامض دون تحديد لفئات أو أشخاص أو قوى بعينها، وسيلة يسوقها النظام للتأكيد على ضرورة التماسك المجتمعي والسياسي لمواجهة الخطر الغامض أيضا، هكذا يفسر طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، لجوء الرئيس إلى استخدام هذا المصطلح. 

 

ويوضح فهمي، لـ"مصر العربية"، أن الرئيس يستخدم مصطلح "أهل الشر" بشكل عام ليترك تفسيرات مختلفة، مثلما كان في مرحلة من المراحل التي مرت بها مصر بعد الثورة من ظهور مصطلحات "الطرف الثالث" وغيرها من المصطلحات خلال الأزمات التي واجهتها مصر قبل وبعد وأثناء حكم الإخوان.

 

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أنه في أدبيات السياسة يختار الساسة أو قائد البلاد عبارات فيها نوع من الغموض وعدم وضوح الرؤية بهدف أن يفسرها الجميع تفسيرات متباينة فلا يعرف أحد من هم الطرف الثالث أو من هم أهل الشر، وذلك للتأكيد على وجود خطر عام غير محدد لكي تتسع خريطة التريبات والتحديات لمواجهة هذا الخطر الغامض، وجذب المواطنين لتصديقه والتفاعل معه، حتى لا يسمعون حديث أحد غيره ولا يصدقون غيره،  لافتا إلى أنه قد يقصد به جماعة الإخوان المسلمين أو أجهزة مخابرات دولية أو دول إقليمية أو منظمات المجتمع المدني.

 

من هم ؟

 

ويقول مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "أهل الشر" تأتي في ظل نظرية المؤامرة التي يؤمن بها السيسي، بأن هناك من يتربص به وبنجاحاته ويريد أن يفشله، مشيرا إلى أن هذه هي عادة الكثير من الساسة في العالم وليس في مصر أو الوطن العربي فقط.

 

ويوضح الغباشي أن قوى الشر قد تكون نوعا من أنواع المكايدة السياسية أو معارضة لسياساته ولكن ليست بالشكل الذي يتحدث عنه الرئيس، منوها إلى أن القيادة السياسية دائما تعمد إلى استخدام مسميات كثيرة غامضة تطلقها على كل من يعارضها مثل "الخلايا النائمة"، "الطابور الخامس".

 

وفي تفسير من هم أهل الشر المقصودين من حديث الرئيس يرى الغباشي، أنه يلوح بها في المطلق على كل من يعارض ويناوئ سياساته، ولكن العنوان الرئيسي لهؤلاء الأشرار قد يكون مرتبطا بجماعة الإخوان المسلمين.

 

ويتفق معه أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، بأن الرئيس يقصد بـ "أهل الشر" كل معارضيه في الداخل وليس الخارج، معتبرا أنها "شماعة" تٌعلق عليها القيادة السياسية ما وصفه بـ "فشلها " في إدارة البلاد، وتابع: "الحقيقة أهل الشر هم أرباب السوابق الذين كانوا أمام نقابة الصحفيين من المواطنين الشرفاء".

 

 

السيسي يكررها 12 مرة

 

"أهل الشر"، جرت تلك الكلمة على لسان السيسي حتى قبل تنصيبه للحكم، ففي أول حوار تلفزيوني له عقب إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية في مايو 2014، كانت أول مرة يدلي بها الرئيس بهذه الكلمة حين توجه بالشكر للعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، قائلا:" ادعو الله أن يحفظ المملكة من أهل الشر".

 

في أواخر عام 2014، تكررت الكلمة ثانية في أحد خطاباته محذرا المصريين من أهل الشر الذين لا يريدون للمصريين التعمير والإصلاح والبناء، وبعد أشهر قليلة كان الرئيس في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة في مايو 2015، وبينما يسرد أرقاما ومشاريع قومية توقف عن حديثه قائلا "أنا مش عاوز أقول كل حاجة بالتفصيل وبقول الأرقام بشكل سريع علشان أهل الشر الموجودين بنشاور لهم على الخير يخلوه شر".

 

 

قتلة النائب العام

 

"أهل الشر" هم أيضا من ألقى إليهم الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية اغتيال النائب العام هشام بركات، فهكذا أدلى في كلمته عقب عملية الاغتيال دون أن تحديد أسماء بعينها.

 

مرة أخرى ذكرى الرئيس أهل الشر، في افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس الماضي، وجاء في كلمته :"بفضل الله تصدينا للإرهابيين لتقديم الصورة الحقيقية للإسلام السمح وليس القتل والتدمير للإنسانية فى مواجهة أهل الشر الذين يحاولون إيذاء مصر والمصريين وعرقلة مسيرتها، وسنظل نحارب الإرهاب وهذه القوى من أهل الشر للانتصار عليها".

 

وعقب سقوط الطائرة الروسية في سيناء نهاية أكتوبر الماضي، زار الرئيس مطار شرم الشيخ، وفي كلمته هناك جاء ذكر أهل الشر في قوله: "الهدف من الزيارة هو طمأنة الناس داخل وخارج مصر، وأهل الشر بيحاولوا يعرقلوا كل النجاح اللى مصر حاولت تعمله".

 

 

إخفاء المشاريع

 

وفى احتفالية إطلاق تنمية شرق بورسعيد، كان لأهل الشر مكان أيضًا، حيث قال الرئيس: "أنا حريص أزرع الأمل فى نفوس الناس، وهنزرع الأمل بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، خلصنا المرحلة الأولى من الشبكة القومية للطرق، التى ستساهم فى ربط المناطق الصناعية والمطارات، وفى مشاريع وكلام كتير مرضاش قوله عشان أهل الشر".

 

 

وخلال احتفالية الرئيس بإطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع بنك المعرفة في العام الجاري، توجه بالتحية للقوات المسلحة والشرطة لما يقوما به من تضحية لحماية الوطن من أهل الشر الذين أرادوا أن يزرعوا الفوضى والعنف.

 

وفي مؤتمر عام الشباب المصري، قال السيسي: "أنا عملت مصنعين للغاز مش هقول فين عشان أهل الشر"، وكذلك خلال مداخلته الهاتفية مع الإعلامي عمرو أديب كرر السيسي حديثه عن أهل الشر قائلا:"انتو متعرفوش قوة الجيش المصري، لسه إحنا ساكتين ومستنيين وبنستعد لأهل الشر، وكنا عاملين توسعة للطريق من العريش لغاية الشيخ زويد، والتى تصل بالحدود مع قطاع غزة، وكل المقاولين تعرضوا لمحاولات عرقلة". 


 

موضع آخر جاء فيه ذكر أهل الشر، أثناء لقاء الرئيس مع مجموعة من فئات المجتمع منتصف إبريل المنصرم، جاء فيه على لسان السيسي: "اوعوا الاستقرار والأمن ينسيكم في تحديات مستمرة ولازم نكون فاكرين إن فكرة المؤامرة علي الأقل من أهل الشر مستمرة، أهل الشر لازالوا يعملون وسيعملون ضد مصر، بهدف إحداث شقاق في النسيج المجتمعي للمصريين".

 

وفي خطاباه بمناسبة الذكرى الـ 34 لتحرير سيناء، قال السيسي: "لابد أن نستلهم من ذكرى تحرير سيناء التغلب على دعاوى التشكيك والإحباط ومحاولة زعزعة الثقة في مؤسساتنا الوطنية، ولا سيما أن هناك من يدفعون باتجاه النيل من المؤسسات وأنا أعرف قوى الشر".

 

 

اقرأ أيضا

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان